الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ﴾ أَيْ لِلَّهِ تَعَالَى. (قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ وَالتَّعَجُّبِ، أَيْ مَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا رَحْمَانَ الْيَمَامَةَ، يَعْنُونَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ. وَزَعَمَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُمْ إِنَّمَا جَهِلُوا الصِّفَةَ لَا الْمَوْصُوفَ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: "وَمَا الرَّحْمنُ" وَلَمْ يَقُولُوا وَمَنِ الرَّحْمَنُ. قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: وَكَأَنَّهُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَقْرَأِ الْآيَةَ الْأُخْرَى" وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ [[راجع ج ٩ ص ٣١٧]] ". (أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) هَذِهِ قِرَاءَةُ الْمَدَنِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ، أَيْ لِمَا تَأْمُرُنَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ. وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: "يَأْمُرُنَا" بِالْيَاءِ. يَعْنُونَ الرَّحْمَنَ، كَذَا تَأَوَّلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: وَلَوْ أَقَرُّوا بِأَنَّ الرَّحْمَنَ أَمَرَهُمْ مَا كَانُوا كُفَّارًا. فَقَالَ النَّحَّاسُ: وَلَيْسَ يَجِبُ أَنْ يُتَأَوَّلَ عَنِ الْكُوفِيِّينَ فِي قِرَاءَتِهِمْ هَذَا التَّأْوِيلُ الْبَعِيدُ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ التَّأْوِيلُ لَهُمْ "أَنَسْجُدُ لِمَا يَأْمُرُنَا" النَّبِيُّ ﷺ، فَتَصِحُّ الْقِرَاءَةُ عَلَى هَذَا، وَإِنْ كَانَتِ الْأُولَى أَبْيَنَ وَأَقْرَبَ تَنَاوُلًا [[في ك وز: متناولا]]. (وَزادَهُمْ نُفُوراً) أَيْ زَادَهُمْ قَوْلُ الْقَائِلِ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ نُفُورًا عَنِ الدِّينِ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: إِلَهِي زَادَنِي لَكَ خُضُوعًا مَا زَادَ عداك نفورا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب