قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ﴾ عَجَّبَ نَبِيَّهُ ﷺ مِنْ إِضْمَارِهِمْ عَلَى الشِّرْكِ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَيْهِ مَعَ إِقْرَارِهِمْ بِأَنَّهُ خَالِقُهُمْ وَرَازِقُهُمْ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى حَجَرٍ يَعْبُدُهُ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ. قَالَ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا هَوِيَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ شَيْئًا عَبَدَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحْسَنَ مِنْهُ تَرَكَ الْأَوَّلَ وَعَبَدَ الْأَحْسَنَ، فَعَلَى هَذَا يَعْنِي: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ بِهَوَاهُ، فَحُذِفَ الْجَارُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْهَوَى إِلَهٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، ثُمَّ تَلَا هذه الآية.
قَالَ الشَّاعِرُ:
لَعَمْرُ أَبِيهَا لَوْ تَبَدَّتْ لِنَاسِكِ ... قَدِ اعْتَزَلَ الدُّنْيَا بِإِحْدَى الْمَنَاسِكِ
لَصَلَّى لَهَا قبل الصلاة لربه ... ولا ارتد فِي الدُّنْيَا بِأَعْمَالِ فَاتِكِ
وَقِيلَ: "اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ" أَيْ أَطَاعَ هَوَاهُ. وَعَنِ الْحَسَنِ لَا يَهْوَى شَيْئًا إِلَّا اتَّبَعَهُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
(أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) أَيْ حَفِيظًا وَكَفِيلًا حَتَّى تَرُدَّهُ إِلَى الْإِيمَانِ وَتُخْرِجَهُ مِنْ هَذَا الْفَسَادِ. أي ليست الهداية والضلالة موكولتين إلى مشيئك، وَإِنَّمَا عَلَيْكَ التَّبْلِيغُ. وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ. ثُمَّ قِيلَ: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْقِتَالِ. وَقِيلَ: لَمْ تُنْسَخْ، لِأَنَّ الْآيَةُ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ.
{"ayah":"أَرَءَیۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَیۡهِ وَكِیلًا"}