قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ﴾ فِي نَصْبِ "قَوْمَ" أَرْبَعَةُ أقوال: العطف على الهاء والميم في "فَدَمَّرْناهُمْ". الثَّانِي- بِمَعْنَى اذْكُرْ. الثَّالِثُ- بِإِضْمَارِ فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَغْرَقْنَا قَوْمَ نُوحٍ أَغْرَقْنَاهُمْ. الرَّابِعُ- إِنَّهُ مَنْصُوبٌ بِ "أَغْرَقْناهُمْ" قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَرَدَّهُ النَّحَّاسُ قَالَ: لِأَنَّ "أَغْرَقْنَا" لَيْسَ مِمَّا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ فَيَعْمَلُ فِي الْمُضْمَرِ وَفِي "قَوْمَ نُوحٍ".
(لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) ذِكْرُ الْجِنْسِ وَالْمُرَادُ نُوحٌ وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رَسُولٌ إِلَيْهِمْ إِلَّا نُوحٌ وَحْدَهُ، فَنُوحٌ إِنَّمَا بُعِثَ بِلَا إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ، وَبِالْإِيمَانِ بِمَا يُنَزِّلُ اللَّهُ، فَلَمَّا كَذَّبُوهُ كَانَ فِي ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِكُلِّ مَنْ بُعِثَ بَعْدَهُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ مَنْ كَذَّبَ رَسُولًا فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَ الرُّسُلِ، لِأَنَّهُمْ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ فِي الْإِيمَانِ، وَلِأَنَّهُ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا يُصَدِّقُ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَمَنْ كَذَّبَ مِنْهُمْ نَبِيًّا فَقَدْ كَذَّبَ كُلَّ مَنْ صَدَّقَهُ مِنَ النَّبِيِّينَ.
(أَغْرَقْناهُمْ) أَيْ بِالطُّوفَانِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي "هُودٍ".
(وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً) أَيْ عَلَامَةً ظاهرة على قدرتنا (وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ) أي المشركين مِنْ قَوْمِ نُوحٍ (عَذاباً أَلِيماً) أَيْ فِي الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: أَيْ هَذِهِ سَبِيلِي فِي كُلِّ ظالم.
{"ayah":"وَقَوۡمَ نُوحࣲ لَّمَّا كَذَّبُوا۟ ٱلرُّسُلَ أَغۡرَقۡنَـٰهُمۡ وَجَعَلۡنَـٰهُمۡ لِلنَّاسِ ءَایَةࣰۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِلظَّـٰلِمِینَ عَذَابًا أَلِیمࣰا"}