الباحث القرآني

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ كَلِمَةٌ لِلْبُعْدِ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ، أَيْ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ مَا يُذْكَرُ مِنَ الْبَعْثِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْفِعْلِ، أَيْ بَعُدَ مَا تُوعَدُونَ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَفِي "هَيْهَاتَ" عَشْرُ لُغَاتٍ: هَيْهَاتَ لَكَ (بِفَتْحِ التَّاءِ) وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ. وَهَيْهَاتِ لَكَ (بِخَفْضِ التَّاءِ)، وَيُرْوَى عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْقَعْقَاعِ" وَهَيْهَاتٍ لَكَ (بِالْخَفْضِ وَالتَّنْوِينِ) يُرْوَى عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ. وَهَيْهَاتُ لَكَ (بِرَفْعِ التَّاءِ)، الثَّعْلَبِيُّ: وَبِهَا قَرَأَ نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ. وَهَيْهَاتٌ لَكَ (بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ) وَبِهَا قَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ الشَّامِيُّ، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ أَيْضًا. وَهَيْهَاتًا لَكَ (بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِينِ) قَالَ الْأَحْوَصُ: تَذَكَّرْتُ أَيَّامًا مَضَيْنَ مِنَ الصِّبَا ... وَهَيْهَاتَ هَيْهَاتًا إِلَيْكَ رُجُوعُهَا وَاللُّغَةُ السَّابِعَةُ: أَيْهَاتَ أَيْهَاتَ، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ: فَأَيْهَاتَ أَيْهَاتَ الْعَقِيقُ وَمَنْ بِهِ ... وَأَيْهَاتَ خِلٌّ بِالْعَقِيقِ نُوَاصِلُهُ قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَقَرَأَ عِيسَى الْهَمْدَانِيُّ "هَيْهاتَ هَيْهاتَ" بإسكان. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: "أَيْهَانَ" بِالنُّونِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ "أَيْهَا" بِلَا نُونٍ. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ: وَمِنْ دُونِيَ الْأَعْيَانُ وَالْقِنْعُ كُلُّهُ ... وَكِتْمَانُ أَيْهَا مَا أَشَتَّ وَأَبْعَدَا» فَهَذِهِ عَشْرُ لُغَاتٍ. فَمَنْ قَالَ: "هَيْهاتَ" بِفَتْحِ التَّاءِ جَعَلَهُ مِثْلَ أَيْنَ وَكَيْفَ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُمَا أَدَاتَانِ مُرَكَّبَتَانِ مِثْلُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَبَعْلَبَكَّ وَرَامَ هُرْمُزَ، وَتَقِفُ عَلَى الثَّانِي بِالْهَاءِ، كَمَا تَقُولُ: خَمْسَ عَشْرَةَ وَسَبْعَ عَشْرَةَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: نَصْبُهَا كَنَصْبِ ثَمَّتْ وَرُبَّتْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَتْحُ إِتْبَاعًا لِلْأَلِفِ وَالْفَتْحَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَمَنْ كَسَرَهُ جَعَلَهُ مِثْلَ أَمْسِ وَهَؤُلَاءِ. قَالَ: وَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ [[كذا في الأصول والذي في اللسان: وهيهات هيهاتا- بالفتح والتنوين.]] إِلَيْكَ رُجُوعُهَا قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَمَنْ كَسَرَ التَّاءَ وَقَفَ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ، فَيَقُولُ هَيْهَاهْ. وَمَنْ نَصَبَهَا وَقَفَ بِالتَّاءِ وَإِنْ شَاءَ بِالْهَاءِ. وَمَنْ ضَمَّهَا فَعَلَى مِثْلِ مُنْذُ وَقَطُّ وَحَيْثُ. وَمَنْ قَرَأَ: "هَيْهَاتَ" بِالتَّنْوِينِ فَهُوَ جَمْعٌ ذَهَبَ بِهِ إِلَى التَّنْكِيرِ [[في ب وج وط وك: التكثير.]]، كَأَنَّهُ قَالَ بُعْدًا بُعْدًا. وَقِيلَ: خُفِضَ وَنُوِّنَ تَشْبِيهًا بِالْأَصْوَاتِ بِقَوْلِهِمْ: غَاقَ وَطَاقَ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: يَجُوزُ فِي "هَيْهاتَ" أَنْ تَكُونَ جَمَاعَةً فَتَكُونَ التَّاءُ الَّتِي فِيهَا تَاءَ الْجَمِيعِ الَّتِي لِلتَّأْنِيثِ. وَمَنْ قَرَأَ: "هَيْهاتَ" جَازَ أَنْ يَكُونَ أَخْلَصَهَا اسْمًا مُعْرَبًا فِيهِ مَعْنَى الْبُعْدِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ اسْمًا لِلْفِعْلِ فَيَبْنِيهِ. وَقِيلَ: شَبَّهَ التَّاءَ بِتَاءِ الْجَمْعِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ [[راجع ج ٢ ص ٤١٣.]] " [البقرة: ١٩٨]. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَكَأَنِّي أَسْتَحِبُّ الْوَقْفَ عَلَى التَّاءِ، لِأَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَخْفِضُ التَّاءَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَكَأَنَّهَا مِثْلُ عَرَفَاتٍ وَمَلَكُوتٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَكَانَ مُجَاهِدٌ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ يَقِفُونَ عَلَيْهَا "هَيْهَاهْ" بِالْهَاءِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ عَلَى "هَيْهَاتَ" بِالتَّاءِ، وَعَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْقُرَّاءِ لِأَنَّهَا حَرْفٌ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. مَنْ جَعَلَهُمَا حَرْفًا وَاحِدًا لَا يُفْرَدُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ، وَقَفَ عَلَى الثَّانِي بِالْهَاءِ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى الْأَوَّلِ، فَيَقُولُ: هَيْهَاتَ هَيْهَاهْ، كَمَا يَقُولُ خَمْسَ عَشْرَةَ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَمَنْ نَوَى إِفْرَادَ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ وَقَفَ فِيهِمَا جَمِيعًا بِالْهَاءِ وَالتَّاءِ، لِأَنَّ أصل الهاء تاء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب