الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقالَ الْمَلَأُ﴾ ٩٠ أَيِ الْأَشْرَافُ وَالْقَادَةُ وَالرُّؤَسَاءُ. (مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا [[في ب وج وك "كَذَّبُوا" "بِآياتِنا وَلِقاءِ".]] بِلِقاءِ الْآخِرَةِ) يُرِيدُ بِالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ. (وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أَيْ وَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ نِعَمَ الدُّنْيَا حَتَّى بَطِرُوا وَصَارُوا يُؤْتَوْنَ بِالتُّرْفَةِ، وَهِيَ مِثْلُ التُّحْفَةِ. (مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) فَلَا فَضْلَ لَهُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ كَأَنْتُمْ. وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ مَعْنَى: "وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ" عَلَى حَذْفِ مِنْ، أَيْ مِمَّا تَشْرَبُونَ مِنْهُ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى حَذْفٍ الْبَتَّةَ، لِأَنَّ "مَا" إِذَا كَانَ مَصْدَرًا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى عَائِدٍ، فَإِنْ جَعَلْتَهَا بِمَعْنَى الَّذِي حَذَفْتَ الْمَفْعُولَ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى إِضْمَارِ مِنْ. (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) يُرِيدُ لَمَغْبُونُونَ بِتَرْكِكُمْ آلِهَتَكُمْ وَاتِّبَاعِكُمْ إياه مِنْ غَيْرِ فَضِيلَةٍ لَهُ عَلَيْكُمْ. (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) أَيْ مَبْعُوثُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ. وَ "إِنَّ" الْأُولَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِوُقُوعِ "يَعِدُكُمْ" عَلَيْهَا، وَالثَّانِيَةُ بَدَلٌ مِنْهَا، هَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ. وَالْمَعْنَى: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ إِذَا مِتُّمْ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ "أَيَعِدُكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ"، وَهُوَ كَقَوْلِكَ: أَظُنُّ إِنْ خَرَجْتَ أَنَّكَ نَادِمٌ. وَذَهَبَ الْفَرَّاءُ وَالْجَرْمِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ إِلَى إِنَّ الثَّانِيَةُ مُكَرَّرَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، لَمَّا طَالَ الْكَلَامُ كَانَ تَكْرِيرُهَا حَسَنًا. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْمَعْنَى أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا يَحْدُثُ إِخْرَاجُكُمْ، فَ "إِنَّ" الثَّانِيَةَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، كَمَا تَقُولُ: الْيَوْمَ الْقِتَالُ، فَالْمَعْنَى الْيَوْمَ يَحْدُثُ الْقِتَالُ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَيَجُوزُ "أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ"، لِأَنَّ معنى "أَيَعِدُكُمْ" أيقول إنكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب