الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً﴾ أَيْ شَرْعًا. (هُمْ ناسِكُوهُ) أَيْ عَامِلُونَ بِهِ. (فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) أَيْ لَا يُنَازِعَنَّكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِيمَا يُشْرَعُ لِأُمَّتِكَ، فَقَدْ كَانَتِ الشَّرَائِعُ فِي كُلِّ عَصْرٍ. وَرَوَتْ فِرْقَةٌ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ جِدَالِ الْكُفَّارِ فِي أَمْرِ الذَّبَائِحِ، وَقَوْلِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ: تَأْكُلُونَ مَا ذَبَحْتُمْ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا ذَبَحَ اللَّهُ مِنَ الْمَيْتَةِ، فَكَانَ مَا قَتَلَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَأْكُلُوهُ مِمَّا قَتَلْتُمْ أَنْتُمْ بِسَكَاكِينِكُمْ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ بِسَبَبِ هَذِهِ الْمُنَازَعَةِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي" الْأَنْعَامِ [[راجع ج ٧ ص ٧٢.]] "وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" مَنْسَكاً [[ص ٥٨ من هذا الجزء.]] " [الحج: ٣٤]. وَقَوْلُهُ: "هُمْ ناسِكُوهُ" يُعْطِي أَنَّ الْمَنْسَكَ الْمَصْدَرُ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْضِعَ لَقَالَ هُمْ نَاسِكُونَ فِيهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: "فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ" أَيْ فَلَا يُجَادِلُنَّكَ، وَدَلَّ عَلَى هَذَا "وَإِنْ جادَلُوكَ". وَيُقَالُ: قَدْ نَازَعُوهُ فَكَيْفَ قَالَ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى فَلَا تُنَازِعْهُمْ أَنْتَ. نَزَلَتِ الْآيَةُ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ، تَقُولُ: لَا يُضَارِبُنَّكَ فُلَانٌ فَلَا تُضَارِبْهُ أَنْتَ، فَيَجْرِي هَذَا فِي بَابِ الْمُفَاعَلَةِ. وَلَا يُقَالُ: لَا يَضْرِبُنَّكَ زَيْدٌ وَأَنْتَ تُرِيدُ لَا تَضْرِبُ زَيْدًا. وَقَرَأَ أَبُو مِجْلَزٍ: "فَلَا يَنْزِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ" أَيْ لَا يستخفنك [[كذا في أوب وج وط وك وى.]] وَلَا يَغْلِبُنَّكَ عَنْ دِينِكَ. وَقِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ مِنَ الْمُنَازَعَةِ. وَلَفْظُ النَّهْيِ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ لِلْكُفَّارِ، وَالْمُرَادُ النَّبِيُّ ﷺ. (وَادْعُ إِلى رَبِّكَ) أَيْ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَدِينِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ. (إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى) أَيْ دِينٍ. (مُسْتَقِيمٍ) أَيْ قويم لا اعوجاج فيه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب