الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ أَيْ دَوَامَ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا نَزَلَتْ حِينَ قَالُوا: نَتَرَبَّصُ بِمُحَمَّدٍ رَيْبَ الْمَنُونِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَدْفَعُونَ نُبُوَّتَهُ وَيَقُولُونَ: شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ، وَلَعَلَّهُ يَمُوتُ كَمَا مَاتَ شَاعِرُ بَنِي فُلَانٍ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ مَاتَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِكَ، وَتَوَلَّى اللَّهُ دِينَهُ بِالنَّصْرِ وَالْحِيَاطَةِ، فَهَكَذَا نَحْفَظُ دِينَكَ وَشَرْعَكَ. (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) أَيْ أَفَهُمْ، مِثْلَ قَوْلِ الشَّاعِرِ: [[هو أبو خراش الهذلي ورفاه سكته من الرعب يقول: سكنوني. اعتبر بمشاهدة الوجوه وجعلها دليلا على ما في النفوس.]] رَفَوْنِي وَقَالُوا يَا خُوَيْلِدُ لَا تُرَعْ ... فَقُلْتُ وَأَنْكَرْتُ الْوُجُوهَ هُمُ هُمُ أَيْ أَهُمْ! فَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَ بِالْفَاءِ لِيَدُلَّ عَلَى الشَّرْطِ، لِأَنَّهُ جَوَابُ قَوْلِهِمْ سَيَمُوتُ. ويجوز أن يكون جئ بِهَا، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا: أَفَهُمُ الْخَالِدُونَ إِنْ مِتَّ! قَالَ الْفَرَّاءُ: وَيَجُوزُ حَذْفُ الْفَاءِ وَإِضْمَارُهَا، لِأَنَّ "هُمْ" لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا الْإِعْرَابُ أَيْ إِنْ مِتَّ فَهُمْ يَمُوتُونَ أَيْضًا، فَلَا شَمَاتَةَ في الإماتة. وقرى "مت" و "مِتَّ" بِكَسْرِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ تَقَدَّمَ فِي (آلِ عمران) [[راجع ج ٤ ص ٢٩٧ فما بعدها.]] (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) "فِتْنَةً ١٠" مَصْدَرٌ عَلَى غَيْرِ اللَّفْظِ أَيْ نَخْتَبِرُكُمْ بِالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَنَنْظُرَ كَيْفَ شُكْرُكُمْ وصبركم. (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) أي للجزاء بالأعمال.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب