الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ﴾ [٢٠: ١١١] أَيْ ذَلَّتْ وَخَضَعَتْ، قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَغَيْرُهُ. وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَسِيرِ عَانٍ. قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ: مَلِيكٌ عَلَى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ ... لِعِزَّتِهِ تَعْنُو الْوُجُوهُ وَتَسْجُدُ وَقَالَ أَيْضًا وَعَنَا لَهُ وَجْهِي وَخَلْقِي كُلُّهُ ... فِي السَّاجِدِينَ لِوَجْهِهِ مَشْكُورَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَنَا يَعْنُو خَضَعَ وَذَلَّ وَأَعْنَاهُ غَيْرُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ [٢٠: ١١١]". وَيُقَالُ أَيْضًا: عَنَا فِيهِمْ فُلَانٌ أَسِيرًا، أَيْ قَامَ فِيهِمْ عَلَى إِسَارِهِ وَاحْتَبَسَ. وَعَنَّاهُ غَيْرُهُ تَعْنِيَةً حَبَسَهُ. وَالْعَانِي الْأَسِيرُ. وَقَوْمٌ عُنَاةٌ وَنِسْوَةٌ عَوَانٍ. وَعَنَتْ أُمُورٌ نَزَلَتْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "عَنَتِ" ذَلَّتْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: خَشَعَتْ. الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الذُّلِّ وَالْخُشُوعِ [[في ك: الخضوع.]] - وَإِنْ تَقَارَبَ مَعْنَاهُمَا- أَنَّ الذُّلَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِيلَ النَّفْسِ، وَالْخُشُوعَ [[في ك: الخضوع.]] أَنْ يَتَذَلَّلَ لِذِي طَاعَةٍ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ "عَنَتِ" أَيْ عَلِمَتْ. عَطِيَّةُ العوفي: استسلمت. وقال طلق ابن حَبِيبٍ: إِنَّهُ وَضْعُ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ عَلَى الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ. النَّحَّاسُ:" وَعَنَتِ الْوُجُوهُ [٢٠: ١١١] "فِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا فِي الْآخِرَةِ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ" وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ [٢٠: ١١١] "قَالَ: الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَمَعْنَى" عَنَتِ" فِي اللُّغَةِ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ، وَمِنْهُ فُتِحَتِ الْبِلَادُ عَنْوَةً أي غلبة، قال الشاعر [[أنشده الفراء لكثير كما في (اللسان).]]: فَمَا أَخَذُوهَا عَنْوَةً عَنْ مَوَدَّةٍ ... وَلَكِنَّ ضَرْبَ الْمَشْرَفِيِّ اسْتَقَالَهَا وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْعَنَاءِ بِمَعْنَى التَّعَبِ، وَكَنَّى عَنِ النَّاسِ بِالْوُجُوهِ، لِأَنَّ آثَارَ الذُّلِّ إِنَّمَا تَتَبَيَّنُ فِي الْوَجْهِ. (لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) [٢٠: ١١١] وفي القيوم ثلاث تأويلات، أحدها: أَنَّهُ الْقَائِمُ بِتَدْبِيرِ الْخَلْقِ. الثَّانِي- أَنَّهُ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ. الثَّالِثُ- أَنَّهُ الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَزُولُ وَلَا يَبِيدُ. وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ) [[راجع ج ٣ ص ٢٧١ فما بعد.]] هَذَا. (وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) [٢٠: ١١١] أَيْ خَسِرَ مَنْ حَمَلَ شِرْكًا. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [٢٠: ١١٢] لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ إيمان. و "مَنْ" فِي قَوْلِهِ "مِنَ الصَّالِحاتِ" لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ شَيْئًا مِنَ الصَّالِحَاتِ. وَقِيلَ: لِلْجِنْسِ. (فَلا يَخافُ) [٢٠: ١١٢] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ: "يَخَفْ" بِالْجَزْمِ جَوَابًا لِقَوْلِهِ: "وَمَنْ يَعْمَلْ ١١٠". الْبَاقُونَ" يَخافُ [٢٠: ١١٢]" رَفْعًا عَلَى الْخَبَرِ، أَيْ فَهُوَ لَا يَخَافُ، أَوْ فَإِنَّهُ لَا يَخَافُ. (ظُلْماً) أَيْ نَقْصًا لِثَوَابِ طَاعَتِهِ، وَلَا زِيَادَةً عَلَيْهِ فِي سَيِّئَاتِهِ. (وَلا هَضْماً) [٢٠: ١١٢] بِالِانْتِقَاصِ مِنْ حَقِّهِ. وَالْهَضْمُ النَّقْصُ وَالْكَسْرُ، يُقَالُ: هَضَمْتُ ذَلِكَ مِنْ حَقِّي أَيْ حَطَطْتُهُ وَتَرَكْتُهُ. وَهَذَا يَهْضِمُ الطَّعَامَ أَيْ يُنْقِصُ ثِقَلَهُ. وَامْرَأَةٌ هَضِيمُ الْكَشْحِ ضَامِرَةُ الْبَطْنِ. الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الظُّلْمِ وَالْهَضْمِ أَنَّ الظُّلْمَ الْمَنْعَ مِنَ الْحَقِّ كُلِّهِ، وَالْهَضْمُ الْمَنْعُ مِنْ بَعْضِهِ، وَالْهَضْمُ ظُلْمٌ وَإِنِ افْتَرَقَا مِنْ وَجْهٍ، قَالَ الْمُتَوَكِّلُ اللَّيْثِيُّ: إِنَّ الْأَذِلَّةَ وَاللِّئَامَ لَمَعْشَرٌ ... مَوْلَاهُمُ الْمُتَهَضَّمُ الْمَظْلُومُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرَجُلٌ هَضِيمٌ وَمُهْتَضَمٌ أَيْ مَظْلُومٌ. وَتَهَضَّمَهُ أَيْ ظَلَمَهُ وَاهْتَضَمَهُ إِذَا ظَلَمَهُ وكسر عليه حقه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب