الباحث القرآني
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الاولى- قوله تعالى: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا) ... "الَّذِينَ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ أَيْ فَبَدَّلَ الظَّالِمُونَ مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ. وَذَلِكَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: قُولُوا حِطَّةٌ فَقَالُوا حِنْطَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَزَادُوا حَرْفًا فِي الْكَلَامِ فَلَقُوا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَقُوا تَعْرِيفًا أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الدِّينِ وَالِابْتِدَاعِ فِي الشَّرِيعَةِ عَظِيمَةُ الْخَطَرِ شَدِيدَةُ الضَّرَرِ. هَذَا فِي تَغْيِيرِ كَلِمَةٍ هِيَ عِبَارَةٌ عَنِ التَّوْبَةِ أَوْجَبَتْ كُلَّ ذَلِكَ مِنَ الْعَذَابِ فَمَا ظَنُّكَ بِتَغْيِيرِ مَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْمَعْبُودِ! هَذَا وَالْقَوْلُ أَنْقَصُ مِنَ الْعَمَلِ فَكَيْفَ بِالتَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ فِي الْفِعْلِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَبَدَّلَ﴾ تَقَدَّمَ مَعْنَى بَدَّلَ وَأَبْدَلَ وقرى "عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا" عَلَى الْوَجْهَيْنِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَأَبْدَلْتُ الشَّيْءَ بِغَيْرِهِ. وَبَدَّلَهُ اللَّهُ مِنَ الخوف
أَمْنًا. وَتَبْدِيلَ الشَّيْءِ أَيْضًا تَغْيِيرُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَدَلٍ. وَاسْتَبْدَلَ الشَّيْءَ بِغَيْرِهِ وَتَبَدَّلَهُ بِهِ إِذَا أَخَذَهُ مَكَانَهُ. وَالْمُبَادَلَةُ التَّبَادُلُ. وَالْأَبْدَالُ: قَوْمٌ مِنَ الصَّالِحِينَ لَا تَخْلُو الدُّنْيَا مِنْهُمْ إِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَبْدَلَ اللَّهُ مَكَانَهُ بِآخَرَ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْوَاحِدُ بَدِيلٌ. وَالْبَدِيلُ: الْبَدَلُ. وَبَدَلُ الشَّيْءِ: غَيْرُهُ يُقَالُ: بَدَلٌ وَبِدْلٌ لُغَتَانِ مِثْلُ شَبَهٍ وَشِبْهٍ وَمَثَلٍ وَمِثْلٍ وَنَكَلٍ وَنِكْلٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ [[في الأصل: (أبو عبيدة) والتصويب عن اللسان وصحاح الجوهري.]]: لَمْ يُسْمَعْ فِي فَعَلٌ وَفِعْلٌ غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْأَحْرُفِ. وَالْبَدَلُ: وَجَعٌ يَكُونُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. وَقَدْ بَدِلَ (بِالْكَسْرِ) يَبْدَلُ بَدَلًا الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ كَرَّرَ لَفْظَ "ظَلَمُوا" وَلَمْ يُضْمِرْهُ تَعْظِيمًا لِلْأَمْرِ. وَالتَّكْرِيرُ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا اسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقَوْلِهِ ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٧٩] ثُمَّ قَالَ بَعْدُ "فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ" وَلَمْ يَقُلْ مِمَّا كَتَبُوا وَكَرَّرَ الْوَيْلَ تَغْلِيظًا لِفِعْلِهِمْ وَمِنْهُ قَوْلُ الْخَنْسَاءِ:
تَعَرَّقَنِي الدَّهْرُ نَهْسًا وَحَزَّا [[في بعض الأصول: (نهشا) بالشين المعجمة. والنهش: أن يتناول المرء الشيء بفمه لبعضه فيؤثر فيه ولا يجرحه. والنهس: القبض على اللحم ونتره أي جذبه.]] ... وَأَوْجَعَنِي الدَّهْرُ قَرْعًا وَغَمْزَا
أَرَادَتْ أَنَّ الدَّهْرَ أَوْجَعَهَا بِكُبْرَيَاتِ نَوَائِبِهِ وَصُغْرَيَاتِهَا. وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَجِيءُ تَكْرِيرِ الظَّاهِرِ فِي مَوْضِعِ الْمُضْمَرِ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ الْكَلَامُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الْحَاقَّةُ. مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ٢ - ١] و ﴿الْقارِعَةُ. مَا الْقارِعَةُ﴾ [القارعة: ٢ - ١] كَانَ الْقِيَاسُ لَوْلَا مَا أُرِيدَ بِهِ مِنَ التَّعْظِيمِ وَالتَّفْخِيمِ: الْحَاقَّةُ مَا هِيَ وَالْقَارِعَةُ مَا هِيَ وَمِثْلُهُ "فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ". كرر "فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ" تَفْخِيمًا لِمَا يُنِيلُهُمْ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ وكرر لفظ "أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ" لِمَا يَنَالُهُمْ مِنْ أَلِيمِ الْعَذَابِ. وَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَيْتَ الْغُرَابَ غَدَاةَ يَنْعَبُ دَائِبًا ... كَانَ الْغُرَابُ مُقَطَّعُ الْأَوْدَاجِ
وَقَدْ جَمَعَ عدي بن زيد المعنيين فقال: لا أرى الموت يسبق الموت شي ... نَغَّصَ الْمَوْتُ ذَا الْغِنَى وَالْفَقِيرَا
فَكَرَّرَ لَفْظَ الْمَوْتِ ثَلَاثًا وَهُوَ مِنَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ
فَكَرَّرَ ذِكْرَ مَحْبُوبَتِهِ ثَلَاثًا تَفْخِيمًا لَهَا الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿رِجْزاً﴾ قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ "رِجْزاً" بِكَسْرِ الرَّاءِ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِضَمِّ الرَّاءِ. وَالرِّجْزُ: الْعَذَابُ (بالزاي) و (بالسين): النتن والقذر ومنه قول تعالى" فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ، [التوبة: ١٢٥] أي نتنا إلى نتنهم قال الْكِسَائِيُّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الرِّجْزُ هُوَ الرِّجْسُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَمَا يُقَالُ السُّدْغُ وَالزُّدْغُ وَكَذَا رِجْسٌ وَرِجْزٌ بِمَعْنًى. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرُّجْزَ (بِالضَّمِّ) اسْمُ صَنَمٍ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ وقرى بذلك في قول تَعَالَى "وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ" [[راجع ج ١٩ ص ٦٥.]] وَالرَّجَزُ (بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْجِيمِ): نَوْعٌ مِنَ الشِّعْرِ وَأَنْكَرَ الْخَلِيلُ أَنْ يَكُونَ شِعْرًا. وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّجَزِ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْإِبِلَ فِي أَعْجَازِهَا فَإِذَا ثَارَتِ ارْتَعَشَتْ أَفْخَاذُهَا.
(بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) أَيْ بِفِسْقِهِمْ. وَالْفِسْقِ الْخُرُوجُ وَقَدْ تَقَدَّمَ [[يراجع ص ٢٤٥ من هذا الجزء.]]. وَقَرَأَ ابْنُ وَثَّابٍ وَالنَّخَعِيُّ: "يفسقون" بكسر السين.
{"ayah":"فَبَدَّلَ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ قَوۡلًا غَیۡرَ ٱلَّذِی قِیلَ لَهُمۡ فَأَنزَلۡنَا عَلَى ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ رِجۡزࣰا مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق