الباحث القرآني

شَرْطٌ وَجَوَابُهُ، وَكَانَتِ النُّذُورُ مِنْ سِيرَةِ الْعَرَبِ تُكْثِرُ مِنْهَا، فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى النَّوْعَيْنِ، مَا يَفْعَلُهُ الْمَرْءُ مُتَبَرِّعًا، وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ إِلْزَامِهِ لِنَفْسِهِ. وَفِي الْآيَةِ مَعْنَى الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، أَيْ مَنْ كَانَ خَالِصَ النِّيَّةِ فَهُوَ مُثَابٌ، وَمَنْ أَنْفَقَ رِيَاءً أَوْ لِمَعْنًى آخَرَ مِمَّا يُكْسِبُهُ الْمَنَّ وَالْأَذَى وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهُوَ ظَالِمٌ، يَذْهَبُ فِعْلُهُ بَاطِلًا وَلَا يَجِدُ لَهُ نَاصِرًا فِيهِ. وَمَعْنَى "يَعْلَمُهُ" يُحْصِيهِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَوَحَّدَ الضَّمِيرَ وَقَدْ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ، فَقَالَ النَّحَّاسُ: التَّقْدِيرُ (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ) فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهَا، (أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ) ثُمَّ حَذَفَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَمَا أَنْفَقْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَتَعُودُ الْهَاءُ عَلَى "مَا" كَمَا أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ [لِامْرِئِ الْقَيْسِ [[الزيادة في ب.]]]: فَتُوضِحَ فَالْمِقْرَاةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُهَا ... لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ [[وتوضح والمقراة: موضعان، وهما عطف على "حومل" في البيت قبلة.]] وَيَكُونُ "أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ" مَعْطُوفًا عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَوَحَّدَ الضَّمِيرَ فِي "يَعْلَمُهُ" وَقَدْ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ مِنْ حَيْثُ أراد ما ذكر أو نص. قُلْتُ: وَهَذَا حَسَنٌ: فَإِنَّ الضَّمِيرَ قَدْ يُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَثُرَ. وَالنَّذْرُ حَقِيقَةُ الْعِبَارَةِ عَنْهُ أَنْ تَقُولَ: هُوَ مَا أَوْجَبَهُ الْمُكَلَّفُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ مِمَّا لَوْ لَمْ يُوجِبْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ، تَقُولُ: نَذَرَ الرَّجُلُ كَذَا إِذَا الْتَزَمَ فِعْلَهُ، يَنْذُرُ (بِضَمِّ الذَّالِ) وَيَنْذِرُ (بِكَسْرِهَا). وَلَهُ أَحْكَامٌ يَأْتِي بَيَانُهَا فِي غير هذا الوضع إن شاء الله تعالى [[راجع ج ١٩ ص ١٢٥.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب