الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ﴾ سُمِّيَ السُّوءُ سُوءًا لِأَنَّهُ يَسُوءُ صَاحِبَهُ بِسُوءِ عَوَاقِبِهِ. وَهُوَ مَصْدَرُ سَاءَهُ يَسُوءُهُ سُوءًا وَمُسَاءَةً إِذَا أَحْزَنَهُ. وَسُؤْتُهُ فَسِيءَ إِذَا أَحْزَنْتَهُ فَحَزِنَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا [[راجع ج ١٨ ص ٢٢٠.]] ". وقال الشاعر: إِنْ يَكُ هَذَا الدَّهْرُ قَدْ سَاءَنِي ... فَطَالَمَا قَدْ سَرَّنِي الدَّهْرُ الْأَمْرُ عِنْدِي فِيهِمَا وَاحِدٌ ... لِذَاكَ شُكْرٌ وَلِذَاكَ صَبْرُ وَالْفَحْشَاءُ أَصْلُهُ قُبْحُ الْمَنْظَرِ، كَمَا قَالَ: وَجِيدٍ كَجِيدِ الرِّيمِ [[الريم: الظبى الأبيض الخالص البياض.]] لَيْسَ بِفَاحِشٍ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتِ اللَّفْظَةُ فِيمَا يُقْبَحُ مِنَ الْمَعَانِي. وَالشَّرْعُ هُوَ الَّذِي يُحَسِّنُ وَيُقَبِّحُ، فَكُلُّ مَا نَهَتْ عَنْهُ الشَّرِيعَةُ فَهُوَ مِنَ الْفَحْشَاءِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِنَّ كُلَّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الْفَحْشَاءِ فَإِنَّهُ الزِّنَى، إِلَّا قَوْلَهُ: "الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ" فَإِنَّهُ مَنْعُ الزَّكَاةِ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا قِيلَ: السُّوءُ مَا لَا حَدَّ فِيهِ، وَالْفَحْشَاءُ مَا فِيهِ حَدٌّ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ قَالَ الطَّبَرِيُّ: يُرِيدُ مَا حَرَّمُوا مِنَ الْبَحِيرَةِ [[قال أبو إسحاق النحوي: "أثبت ما روينا عن أهل اللغة في البحيرة أنها الناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن فكان آخرها ذكرا بحروا أذنها أي شقوه، واعفوا ظهرها من الركوب والحمل والذبح، ولا تحلا، (تطرد) عن ماء ترده، ولا تمنع من مرعى، وإذا لقيها المعنى المنقطع به لم يركبها".]] وَالسَّائِبَةِ [[كان الرجل في الجاهلية إذا قدم من سفر بعيد، أو برئ من علة، أو نحبة دابة من مشقة أو حرب قال: ناقتي سائبة، أي تسيب فلا ينتفع بظهرها ولا تحلا عن ماء، ولا تمنع من كلا ولا تركب. (عن اللسان).]] وَنَحْوِهَا مِمَّا جَعَلُوهُ شَرْعًا. "وَأَنْ تَقُولُوا" فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا على قوله تعالى: "بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب