الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً﴾ قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: التَّقْدِيرُ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ أَجْلِ الْوَاوِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَاذْكُرْ يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ، أَيْ نُزِيلُهَا مِنْ أَمَاكِنِهَا مِنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَنُسَيِّرهَا كَمَا نُسَيِّرُ السَّحَابَ، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى" وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ [[راجع ج ١٣ ص ...]] "ثُمَّ تُكْسَرُ فَتَعُودُ إِلَى الْأَرْضِ، كَمَا قَالَ:" وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا. فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا [[راجع ج ١٧ ص ١٩٤ فما بعد.]] ". وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَالْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ "وَيَوْمَ تُسَيَّرُ" بِتَاءٍ مَضْمُومَةٍ وَفَتْحِ الْيَاءِ. وَ "الْجِبالَ" رَفْعًا عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَمُجَاهِدٌ "وَيَوْمَ تَسِيرُ الْجِبَالُ" بِفَتْحِ التَّاءِ مُخَفَّفًا مِنْ سَارَ. "الْجِبَالُ" رَفْعًا. دَلِيلُ قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو" وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ [[راجع ج ١٩ ص ٢٢٥ فما بعد.]] ". وَدَلِيلُ قِرَاءَةِ ابْنِ مُحَيْصِنٍ" وَتَسِيرُ الْجِبَالَ سَيْرًا [[راجع ج ١٧ ص ١٩٤ فما بعد.]] ". وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى "نُسَيِّرُ" بِالنُّونِ لِقَوْلِهِ "وَحَشَرْناهُمْ". وَمَعْنَى "بارِزَةً" ظَاهِرَةٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا مَا يَسْتُرُهَا مِنْ جَبَلٍ وَلَا شَجَرٍ وَلَا بُنْيَانٍ، أَيْ قَدِ اجْتُثَّتْ ثِمَارُهَا وَقُلِعَتْ جِبَالُهَا، وَهُدِمَ بُنْيَانُهَا، فَهِيَ بَارِزَةٌ ظَاهِرَةٌ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ. وَقِيلَ: "وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً" أَيْ بَرَزَ مَا فِيهَا مِنَ الْكُنُوزِ وَالْأَمْوَاتِ، كما قال " وَأَلْقَتْ مَا فِيها وَتَخَلَّتْ [[راجع ج ١٩ ص ٢٦٧ فما بعد.]] وَقَالَ" وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها [[راجع ج ٢٠ ص ١٤٧.]] " وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ. (وَحَشَرْناهُمْ) أَيْ إِلَى الْمَوْقِفِ. (فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) أَيْ لَمْ نَتْرُكْ، يُقَالُ: غَادَرْتُ كَذَا أَيْ تَرَكْتُهُ. قَالَ عَنْتَرَةُ: غَادَرْتُهُ مُتَعَفِّرًا أَوْصَالُهُ ... وَالْقَوْمُ بَيْنَ مُجَرَّحٍ وَمُجَدَّلِ أَيْ تَرَكْتُهُ. وَالْمُغَادَرَةُ التَّرْكُ، وَمِنْهُ الْغَدْرُ، لأنه ترل الْوَفَاءِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْغَدِيرُ مِنَ الْمَاءِ غَدِيرًا لِأَنَّ الْمَاءَ ذَهَبَ وَتَرَكَهُ. وَمِنْهُ غَدَائِرُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا تَجْعَلُهَا خَلْفَهَا. يَقُولُ: حَشَرْنَا بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ وجنهم وإنسهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب