الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾ أَيْ لَوْ هَدَاهُمُ اللَّهُ لَاهْتَدَوْا. (وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) أَيْ لَا يَهْدِيهِمْ أَحَدٌ. (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِسْرَاعِ بِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: قَدِمَ الْقَوْمُ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِذَا أَسْرَعُوا. الثَّانِي- أَنَّهُمْ يُسْحَبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ كَمَا يُفْعَلُ فِي الدُّنْيَا بِمَنْ يُبَالَغُ فِي هَوَانِهِ وَتَعْذِيبِهِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَيُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "أَلَيْسَ الَّذِي أَمَشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ": قَالَ قَتَادَةُ حِينَ بَلَغَهُ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَحَسْبُكَ. (عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ: أَيْ عُمْيٌ عَمَّا يَسُرُّهُمْ، بُكْمٌ عَنِ التَّكَلُّمِ بِحُجَّةٍ، صُمٌّ عَمَّا يَنْفَعُهُمْ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ حَوَاسُّهُمْ بَاقِيَةٌ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِهَا، لِيَكُونَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي عَذَابِهِمْ، ثُمَّ يُخْلَقُ ذَلِكَ لَهُمْ فِي النَّارِ، فَأَبْصَرُوا، لِقَوْلِهِ تَعَالَيْ:" وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها [[راجع ج ١١ ص ٣.]] "، وَتَكَلَّمُوا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً [[راجع ج ١٣ ص ٧.]] "، وَسَمِعُوا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً [[راجع ج ١٣ ص ٧.]] ". وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سليمان: إذا قيل لهم" اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ [[راجع ج ١٢ ص ١٥٣.]] " صَارُوا عُمْيًا لَا يُبْصِرُونَ صُمًّا لَا يَسْمَعُونَ بُكْمًا لَا يَفْقَهُونَ. وَقِيلَ: عَمُوا حِينَ دَخَلُوا النَّارَ لِشِدَّةِ سَوَادِهَا، وَانْقَطَعَ كَلَامُهُمْ حِينَ قِيلَ لَهُمْ: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ. وَذَهَبَ الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ بِسَمْعِهِمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا شَيْئًا. (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) أَيْ مُسْتَقَرُّهُمْ وَمُقَامُهُمْ. (كُلَّما خَبَتْ) أي سكنت، عن الضحاك وَغَيْرِهِ. مُجَاهِدٌ طَفِئَتْ. يُقَالُ: خَبَتِ النَّارُ تَخْبُو خَبْوًا أَيْ طَفِئَتْ، وَأَخْبَيْتُهَا أَنَا. (زِدْناهُمْ سَعِيراً) أي نار تَتَلَهَّبُ. وَسُكُونُ الْتِهَابِهَا مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ فِي آلَامِهِمْ وَلَا تَخْفِيفٍ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهِمْ. وَقِيلَ: إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَخْبُوَ. كَقَوْلِهِ:" وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ [[راجع ص ٢٦٩ من هذا الجزء.]] ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب