الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَاحِيَتُهُ. وَقَالَهُ الضَّحَّاكُ. مُجَاهِدٌ: طَبِيعَتُهُ. وَعَنْهُ: حِدَتُهُ. ابْنُ زَيْدٍ: عَلَى دِينِهِ. الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: نِيَّتُهُ. مُقَاتِلٌ: جِبِلَّتُهُ. الْفَرَّاءُ: عَلَى طَرِيقَتِهِ وَمَذْهَبِهِ الَّذِي جُبِلَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ. قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى مَا هُوَ أَشْكَلُ عِنْدَهُ وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي اعْتِقَادِهِ. وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّكْلِ، يُقَالُ: لَسْتَ عَلَى شَكْلِي وَلَا شَاكِلَتِي. قَالَ الشَّاعِرُ: كُلُّ امْرِئٍ يُشْبِهُهُ فِعْلُهُ ... مَا يَفْعَلُ الْمَرْءُ فَهُوَ أَهْلُهُ فَالشَّكْلُ هُوَ الْمِثْلُ وَالنَّظِيرُ وَالضَّرْبُ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ [[راجع ج ١٥ ص ٢٢٠ فما بعد وص ٢٨٩.]] ". الشِّكْلُ (بِكَسْرِ الشِّينِ): الْهَيْئَةُ. يُقَالُ: جَارِيَةٌ حَسَنَةٌ الشِّكْلِ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْمَلُ عَلَى مَا يُشَاكِلُ أَصْلَهُ وَأَخْلَاقَهُ الَّتِي أَلِفَهَا، وَهَذَا ذَمٌّ لِلْكَافِرِ وَمَدْحٌ لِلْمُؤْمِنِ. وَالْآيَةُ وَالَّتِي قَبْلَهَا نَزَلَتَا فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ. (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا) أَيْ بِالْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَمَا سَيَحْصُلُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: "أَهْدى سَبِيلًا" أَيْ أَسْرَعُ قَبُولًا. وَقِيلَ: أَحْسَنُ دِينًا. وَحُكِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ تَذَاكَرُوا الْقُرْآنَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَرَأَتُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ آيَةً أَرْجَى وأحسن من قوله تبارك وتعالى: "قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ" فإنه لا يشاكل بالعبد إلا العصيان ولا يشاكل بالرب إلا الغفران. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَرَأَتُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إلى آخره فلم أرى فِيهِ آيَةً أَرْجَى وَأَحْسَنَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. حم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ [[راجع ج ١٥ ص ٢٢٠ فما بعد وص ٢٨٩.]] "قَدَّمَ غُفْرَانَ الذُّنُوبِ عَلَى قَبُولِ التَّوْبَةِ، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَرَأَتُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَلَمْ أَرَ آيَةً أَحْسَنَ وَأَرْجَى مِنْ قوله تَعَالَى:" نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [[راجع ص ٣٤ من هذا الجزء]] ". وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: قَرَأَتُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَلَمْ أَرَ آيَةً أَحْسَنَ وَأَرْجَى مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" قُلْ يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [[راجع ج ١٥ ص ٢٦٧.]] ". قُلْتُ: وَقَرَأَتُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَلَمْ أَرَ آيَةً أَحْسَنَ وَأَرْجَى مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [[راجع ج ٧ ص ٩ ص فما بعد.]] ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب