الباحث القرآني
فِيهِ سبع مسائل: الاولى- قوله تعالى: (وَنُنَزِّلُ) قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالنُّونِ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ "وَيُنْزِلُ" بالياء خفيفة [[كذا في الأصول. ولعل: ونون خفيفة.]]، ورواها المروزي عن حفص. و "مِنَ" لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَنُنَزِّلُ مَا فِيهِ شِفَاءٌ مِنَ الْقُرْآنِ. وَفِي الْخَبَرِ "مَنْ لَمْ يَسْتَشْفِ بِالْقُرْآنِ فَلَا شَفَاهُ اللَّهُ". وَأَنْكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَوِّلِينَ أَنْ تَكُونَ "مِنَ" لِلتَّبْعِيضِ، لِأَنَّهُ يُحْفَظُ مِنْ أَنْ يَلْزَمَهُ أَنَّ بَعْضَهُ لَا شِفَاءَ فِيهِ. ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلَيْسَ يَلْزَمُهُ هَذَا، بَلْ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلتَّبْعِيضِ بِحَسَبِ أَنَّ إِنْزَالَهُ إِنَّمَا هُوَ مُبَعَّضٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا شفاء، ما فيه كله شفاء. الثَّانِيَةُ- اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَوْنِهِ شِفَاءً عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ شِفَاءٌ لِلْقُلُوبِ بِزَوَالِ الْجَهْلِ عَنْهَا وَإِزَالَةِ الرَّيْبِ، وَلِكَشْفِ غِطَاءِ الْقَلْبِ مِنْ مَرَضِ الْجَهْلِ لِفَهْمِ الْمُعْجِزَاتِ وَالْأُمُورِ الدَّالَّةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. الثَّانِي: شِفَاءٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ الظَّاهِرَةِ بِالرُّقَى وَالتَّعَوُّذِ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ رَوَى الْأَئِمَّةُ- وَاللَّفْظُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في سَرِيَّةٍ ثَلَاثِينَ رَاكِبًا قَالَ: فَنَزَلْنَا عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْعَرَبِ فَسَأَلْنَاهُمْ أَنْ يُضَيِّفُونَا فَأَبَوْا، قَالَ: فَلُدِغَ سَيِّدُ الْحَيِّ، فَأَتَوْنَا فَقَالُوا: فِيكُمْ أَحَدٌ يَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ؟ فِي رِوَايَةِ ابْنِ قَتَّةَ: إِنَّ الْمَلِكَ يَمُوتُ. قَالَ: قُلْتُ أَنَا نَعَمْ، وَلَكِنْ لَا أَفْعَلُ حَتَّى تُعْطُونَا. فَقَالُوا: فَإِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلَاثِينَ شَاةً. قَالَ: فَقَرَآتُ عَلَيْهِ "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" سَبْعَ مَرَّاتٍ فَبَرَأَ. فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: فَأَفَاقَ وَبَرَأَ. فَبَعَثَ إِلَيْنَا بِالنُّزُلِ وَبَعَثَ إِلَيْنَا بِالشَّاءِ، فَأَكَلْنَا الطَّعَامَ أَنَا وَأَصْحَابِي وَأَبَوْا أَنْ يَأْكُلُوا مِنَ الْغَنَمِ، حَتَّى أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، شي أُلْقِيَ فِي رُوعِي. قَالَ: "كُلُوا وَأَطْعِمُونَا مِنَ الْغَنَمِ" خَرَّجَهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ. وَخَرَّجَ فِي (كِتَابِ الْمَدِيحِ [[في بعض الأصول: "المذبح" ولم نوقف لتصويبه.]] مِنْ حَدِيثِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "يَنْفَعُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَطْنِ وَالسُّلِّ وَالْحُمَّى وَالنَّفْسِ أَنْ تَكْتُبَ بِزَعْفَرَانٍ أَوْ بِمِشْقٍ- يَعْنِي الْمَغْرَةُ- أَعُوَّذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ وَأَسْمَائِهِ كُلِّهَا عامة من شر السامة والعامة وَمِنْ شَرِّ الْعَيْنِ اللَّامَّةِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ وَمِنْ أَبِي فَرْوَةَ وَمَا وَلَدَ". كَذَا قَالَ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ شَرِّ أَبِي قِتْرَةَ [[أبو فترة (بكسر القاف وسكون التاء): كنية إبليس.]]. الْعَيْنُ اللَّامَّةُ: الَّتِي تُصِيبُ بِسُوءٍ. تَقُولُ: أُعِيذُهُ مِنْ كُلِّ هَامَّةٍ لَامَّةٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: أُعِيذُهُ مِنْ حَادِثَاتِ اللَّمَّةِ فَيَقُولُ: هُوَ الدَّهْرُ. وَيُقَالُ الشِّدَّةُ. وَالسَّامَّةُ: الْخَاصَّةُ. يُقَالُ: كَيْفَ السَّامَّةُ وَالْعَامَّةُ. وَالسَّامَّةُ السُّمُّ. وَمِنْ أَبِي فَرْوَةَ وَمَا وَلَدَ. وَقَالَ: ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَتَوْا رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالُوا: وَصَبٌ بِأَرْضِنَا. فَقَالَ: خُذُوا تُرْبَةً مِنْ أَرْضِكُمْ فَامْسَحُوا نَوَاصِيَكُمْ. أَوْ قال: نواصيكم [[في ج: بوصبكم: أي بوجعكم. وتكون رقية منصوبة على الإغراء.]] رُقْيَةَ مُحَمَّدٍ ﷺ لَا أَفْلَحَ مَنْ كَتَمَهَا أَبَدًا أَوْ أَخَذَ عَلَيْهَا صفدا [[الصفد: العطاء.]]. ثم تكتب فاتحة الكتاب وأربع ءايات مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ، وَالْآيَةَ الَّتِي فِيهَا تَصْرِيفُ الرِّيَاحِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ وَالْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا، وَخَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ مَوْضِعِ "لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ" إِلَى آخِرِهَا، وَعَشْرًا مِنْ أَوَّلِ "آلِ عِمْرَانَ" وَعَشْرًا مِنْ آخِرِهَا، وَأَوَّلَ آيَةٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَأَوَّلَ آيَةٍ مِنَ الْمَائِدَةِ، وَأَوَّلَ آيَةٍ مِنَ الْأَنْعَامِ، وَأَوَّلَ آيَةٍ مِنَ الْأَعْرَافِ، وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْأَعْرَافِ" إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [[راجع ج ٧ ص ٢١٨.]] "حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ، وَالْآيَةَ الَّتِي فِي يُونُسَ مِنْ مَوْضِعِ" قالَ مُوسى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [[راجع ج ٨ ص ٣٦٧.]] ". وَالْآيَةَ الَّتِي فِي طَه" وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى [[راجع ج ١١ ص ٢٢١ فما بعد.]] "، وَعَشْرًا مِنْ أَوَّلِ الصَّافَّاتِ، وَ "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ. تُكْتَبُ فِي إِنَاءٍ نَظِيفٍ ثُمَّ تُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِمَاءٍ نَظِيفٍ ثُمَّ يَحْثُو مِنْهُ الْوَجِعُ ثَلَاثَ حَثَوَاتٍ ثُمَّ يتوضأ منه كوضوئه للصلاة ويتوضأ قبل وضوئه لِلصَّلَاةِ حَتَّى يَكُونَ عَلَى طُهْرٍ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ وَصَدْرِهِ وَظَهْرِهِ وَلَا يَسْتَنْجِي بِهِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَشْفِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَدْرَ مَا يَكْتُبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ كِتَابًا. فِي رِوَايَةٍ: وَمِنْ شَرِّ أَبِي قِتْرَةٍ وَمَا وَلَدَ. وَقَالَ:" فَامْسَحُوا نَوَاصِيَكُمْ [[في ج: بوصبكم.]] " وَلَمْ يَشُكَّ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. فَسَأَلْتُ [[السائل هو عروة بن الزبير راوي الحديث.]] الزُّهْرِيَّ كَيْفَ كَانَ يَنْفُثُ؟ قَالَ: كَانَ يَنْفُثُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ. وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا اشْتَكَى قَرَأَ عَلَى نفسه الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَتَفَلَ أَوْ نَفَثَ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ: قَالَ اللُّغَوِيُّونَ تَفْسِيرُ "نَفَثَ" نَفَخَ نفحا لَيْسَ مَعَهُ رِيقٌ. وَمَعْنَى "تَفَلَ" نَفَخَ نَفْخًا مَعَهُ رِيقٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنْ يَبْرَأْ فَلَمْ أُنْفِثْ عَلَيْهِ ... وَإِنْ يَفْقِدْ فَحَقَّ لَهُ الْفُقُودُ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَمِنْ جَوْفِ مَاءٍ عَرْمَضِ الْحَوْلِ فَوْقَهُ ... مَتَى يَحْسُ مِنْهُ مَائِحُ الْقَوْمِ يَتْفُلِ [[العرمض: الخضرة التي تعلوا الماء وهى الرمض والعلق والطحلب. والمائح (بالهمز): الذي ينزل البئر فيملأ الدلو. والماتح (بالتاء): الذي يجذب الدلوا.]]
أَرَادَ يَنْفُخُ بِرِيقٍ. وَسَيَأْتِي مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي النَّفْثِ فِي سُورَةِ الْفَلَقِ [[راجع ج ٢٠ ص ٢٥٧ فما بعد.]] إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الثَّالِثَةُ- رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يَكْرَهُ الرُّقَى إِلَّا بِالْمُعَوِّذَاتِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِهِ فِي الدِّينِ، إِذْ فِي نَقَلَتِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ. وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَكَانَ إِمَّا غَلَطًا وَإِمَّا مَنْسُوخًا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْفَاتِحَةِ "مَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ". وَإِذَا جَازَ الرَّقْيُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَهُمَا سُورَتَانِ مِنَ الْقُرْآنِ كَانَتِ الرُّقْيَةُ بِسَائِرِ الْقُرْآنِ مِثْلَهُمَا فِي الْجَوَازِ إِذْ كُلُّهُ قُرْآنٌ. وَرُوِيَ عنه عليه السلام أنه قال:" شفاء أمته فِي ثَلَاثٍ آيَةٍ [[لم نقف على هذه الرواية، والمشهورة كما في البخاري وعيرة: "شفاء أمتي في ثلاث شرطة محجم أو شربة عسل أوكية نار .. "،]]، مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ لَعْقَةٍ مِنْ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةٍ مِنْ مِحْجَمٍ". وَقَالَ رَجَاءٌ الْغَنَوِيُّ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَشْفِ بِالْقُرْآنِ فَلَا شِفَاءَ لَهُ. الرَّابِعَةُ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي النُّشْرَةِ، وَهِيَ أَنْ يَكْتُبَ شَيْئًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ أَوْ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ يَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِ الْمَرِيضَ أَوْ يَسْقِيهُ، فَأَجَازَهَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ. قِيلَ لَهُ: الرَّجُلُ يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ أَيُحَلُّ عَنْهُ وَيُنْشَرُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَمَا يَنْفَعُ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ. وَلَمْ يَرَ مُجَاهِدٌ أَنْ تُكْتَبَ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ تُغْسَلُ ثُمَّ يُسْقَاهُ صَاحِبُ الْفَزَعِ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقْرَأُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي إِنَاءٍ ثُمَّ تَأْمُرُ أَنْ يُصَبَّ عَلَى الْمَرِيضِ. وَقَالَ الْمَازِرِيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: النُّشْرَةُ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ التَّعْزِيمِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَنْشُرُ عَنْ صَاحِبِهَا أَيْ تَحُلُّ. وَمَنَعَهَا الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، قَالَ النَّخَعِيُّ: أَخَافُ أَنْ يُصِيبَهُ بَلَاءٌ، وَكَأَنَّهُ ذهب إلى أنه ما محي [[كذا في ج، وفى أوح ووو ى: يجئ.]] به القرآن فهو إلى أن يعب بَلَاءً أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى أَنْ يُفِيدَ شِفَاءً. وَقَالَ الْحَسَنُ: سَأَلْتُ أَنَسًا فَقَالَ: ذَكَرُوا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ: "مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ". قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَهَذِهِ آثَارٌ لَيِّنَةٌ وَلَهَا وُجُوهٌ مُحْتَمَلَةٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ خَارِجَةً عَمَّا فِي كِتَابِ اللَّهِ وسنة رسوله عليه السلام، وعى الْمُدَاوَاةِ الْمَعْرُوفَةِ. وَالنُّشْرَةُ مِنْ جِنْسِ الطِّبِّ فَهِيَ غسالة شي لَهُ فَضْلٌ، فَهِيَ كَوُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَقَالَ ﷺ: "لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ وَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ". قُلْتُ: قَدْ ذَكَرْنَا النَّصَّ فِي النُّشْرَةِ مَرْفُوعًا وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلْيُعْتَمَدْ عَلَيْهِ. الْخَامِسَةُ- قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِتَعْلِيقِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَعْنَاقِ الْمَرْضَى عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بِهَا إِذَا لَمْ يُرِدْ مُعَلِّقُهَا بِتَعْلِيقِهَا مُدَافَعَةَ الْعَيْنِ. وَهَذَا مَعْنَاهُ قَبْلَ أن ينزل به شي مِنَ الْعَيْنِ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُعَلَّقَ عَلَى الصحيح من البهائم أو بنى آدم شي مِنَ الْعَلَائِقِ خَوْفَ نُزُولِ الْعَيْنِ، وَكُلُّ مَا يُعَلَّقُ بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِتَابِهِ رَجَاءَ الْفَرَجِ وَالْبُرْءِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ كَالرُّقَى الْمُبَاحِ الَّذِي وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِإِبَاحَتِهِ مِنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ رَوَى عبد الله بن عمرو قال قال وسول اللَّهِ ﷺ: (إِذَا فَزِعَ أَحَدُكُمْ فِي نَوْمِهِ فَلْيَقُلْ أَعُوَذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَسُوءِ عِقَابِهِ وَمِنْ شَرِّ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ (. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُعَلِّمُهَا وَلَدَهُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ كَتَبَهَا وَعَلَّقَهَا عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ عَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ". وَرَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ تَمِيمَةً مَرْبُوطَةً فَجَبَذَهَا جَبْذًا شَدِيدًا فَقَطَعَهَا وَقَالَ: إِنَّ آلَ ابْنِ مَسْعُودٍ لَأَغْنِيَاءٌ عَنِ الشِّرْكِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ التَّمَائِمَ وَالرُّقَى وَالتِّوَلَةَ مِنَ الشِّرْكِ. قِيلَ: مَا التِّوَلَةُ؟ قَالَ: مَا تَحَبَّبَتْ بِهِ لِزَوْجِهَا. وَرُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ له وَمَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ قَلْبًا". قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: التَّمِيمَةُ قِلَادَةٌ فِيهَا عُوَذٌ، وَالْوَدَعَةُ خَرَزٌ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: التَّمِيمَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْقِلَادَةُ، وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا عُلِّقَ فِي الْأَعْنَاقِ مِنَ القلائد خشية العين أو غيرها من أنواع البلاء وكان المعنى في الحديث من يعلق خشية ما عسى [[من ى.]] من تَنْزِلَ أَوْ لَا تَنْزِلَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ. فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ عَلَيْهِ صِحَّتَهُ وَعَافِيَتَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً- وَهِيَ مِثْلُهَا فِي الْمَعْنَى- فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ، أَيْ فَلَا بَارَكَ اللَّهُ لَهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعَافِيَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذَا كُلُّهُ تَحْذِيرٌ مِمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَصْنَعُونَهُ مِنْ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ وَالْقَلَائِدِ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهَا تَقِيهُمْ وَتَصْرِفُ عَنْهُمُ الْبَلَاءَ، وَذَلِكَ لَا يَصْرِفُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ الْمُعَافِي وَالْمُبْتَلِي، لَا شَرِيكَ لَهُ. فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَمَّا كَانُوا يَصْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ. وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا تَعَلَّقَ بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ فَلَيْسَ مِنَ التَّمَائِمِ. وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ تَعْلِيقَ التَّمِيمَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ وَبَعْدَهُ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ فِي الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِمَا كُرِهَ تعليقه غير القرآن أشياء مأخوذة عن العراقيين وَالْكُهَّانِ، إِذْ الِاسْتِشْفَاءُ بِالْقُرْآنِ مُعَلَّقًا وَغَيْرَ مُعَلَّقٍ لَا يَكُونُ شِرْكًا، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ عَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ" فَمَنْ عَلَّقَ الْقُرْآنَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّاهُ اللَّهُ وَلَا يَكِلَهُ إِلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَرْغُوبُ إِلَيْهِ وَالْمُتَوَكَّلُ عليه في الاستشفاء بالقرآن. وسيل ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنِ التَّعْوِيذِ أَيُعَلَّقُ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ فِي قَصَبَةٍ أَوْ رُقْعَةٍ يُحْرَزُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمَكْتُوبَ قُرْآنٌ. وَعَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا أَنْ يُعَلِّقَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِذَا وَضَعَهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَعِنْدَ الْغَائِطِ. وَرَخَّصَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فِي التَّعْوِيذِ يُعَلَّقُ عَلَى الصِّبْيَانِ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالشَّيْءِ مِنَ الْقُرْآنِ يُعَلِّقُهُ الْإِنْسَانُ. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ تَفْرِيجُ الْكُرُوبِ وَتَطْهِيرُ الْعُيُوبِ
وَتَكْفِيرُ الذُّنُوبِ مَعَ مَا تَفَضَّلَ بِهِ تَعَالَى مِنَ الثَّوَابِ فِي تِلَاوَتِهِ، كَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ بَلْ أَلْفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ". قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) لتكذيبهم. قال قَتَادَةُ: مَا جَالَسَ أَحَدٌ الْقُرْآنَ إِلَّا قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، ثُمَّ قَرَأَ: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ" الْآيَةَ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ:" قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى [[راجع ج ١٥ ص ٣٦٨.]] ". وَقِيلَ: شِفَاءٌ فِي الْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ لِمَا فِيهِ مِنَ البيان.
{"ayah":"وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَاۤءࣱ وَرَحۡمَةࣱ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ وَلَا یَزِیدُ ٱلظَّـٰلِمِینَ إِلَّا خَسَارࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق