الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ﴾ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، فَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى آيَاتُ الْكِتَابِ، كَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ أَنَّ يَهُودِيَّيْنِ قَالَ أَحَدَهُمَا لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ نَسْأَلْهُ، فَقَالَ: لَا تَقُلْ لَهُ نَبِيٌّ فَإِنَّهُ إِنْ سَمِعَنَا كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ ﷺ فَسَأَلَاهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: "وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:" لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تسحروا ولا تمشوا ببري إلى السلطان فَيَقْتُلَهُ وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً وَلَا تَفِرُّوا مِنَ الزَّحْفِ- شَكَّ شُعْبَةُ- وَعَلَيْكُمْ [يَا مَعْشَرَ] الْيَهُودِ خَاصَّةً أَلَّا تَعْدُوَا فِي السَّبْتِ "فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نبى. قال: " فَمَا يَمْنَعُكُمَا أَنْ تُسْلِمَا" قَالَا: إِنَّ دَاوُدَ دَعَا اللَّهَ أَلَّا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ أَسْلَمْنَا أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ [[راجع ج ١ ص ٤٣٩.]]. وَقِيلَ: الْآيَاتُ بِمَعْنَى الْمُعْجِزَاتِ وَالدَّلَالَاتِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: الْآيَاتُ التِّسْعُ الْعَصَا وَالْيَدُ وَاللِّسَانُ وَالْبَحْرُ وَالطُّوفَانُ وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ وَالدَّمُ، آيَاتٌ مُفَصَّلَاتٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ والشعبي: الخمس المذكورة في" الأعراف [[راجع ج ٧ ص ٢٦٧.]] "، يَعْنِيَانِ الطُّوفَانَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَالْيَدَ وَالْعَصَا وَالسِّنِينَ وَالنَّقْصَ مِنَ الثَّمَرَاتِ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ الْحَسَنِ، إِلَّا أَنَّهُ يَجْعَلُ السِّنِينَ وَالنَّقْصَ مِنَ الثَّمَرَاتِ وَاحِدَةً، وَجَعَلَ التَّاسِعَةَ تَلْقُّفُ الْعَصَا مَا يَأْفِكُونَ. وَعَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ مَكَانَ السِّنِينَ وَالنَّقْصِ مِنَ الثَّمَرَاتِ، الْبَحْرَ وَالْجَبَلَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هِيَ الْخَمْسُ الَّتِي فِي [الْأَعْرَافِ] وَالْبَحْرُ وَالْعَصَا وَالْحَجَرُ وَالطَّمْسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذِهِ الْآيَاتِ مُسْتَوْفًى والحمد لله. (فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ) أَيْ سَلْهُمْ يَا مُحَمَّدُ إِذْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِهَذِهِ الْآيَاتِ، حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي يُونُسَ [[راجع ج ٨ ص ٣٧٣ فما بعد.]]. وَهَذَا سُؤَالُ اسْتِفْهَامٍ لِيَعْرِفَ الْيَهُودُ صِحَّةَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ ﷺ. (فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) أَيْ سَاحِرًا بِغَرَائِبِ أَفْعَالِكَ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ. فَوَضَعَ الْمَفْعُولَ مَوْضِعَ الْفَاعِلِ، كَمَا تَقُولُ: هَذَا مَشْئُومٌ وَمَيْمُونٌ، أَيْ شَائِمٌ وَيَامِنٌ. وَقِيلَ مَخْدُوعًا. وَقِيلَ مَغْلُوبًا، قَالَهُ مُقَاتِلٌ. وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وأبى نهيك أنهما قرءا "فسأل بَنِي إِسْرَائِيلَ" عَلَى الْخَبَرِ، أَيْ سَأَلَ مُوسَى فِرْعَوْنَ أَنْ يُخَلِّيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيُطْلِقَ سَبِيلَهُمْ ويرسلهم معه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب