الباحث القرآني

فِيهِ مُسَالَةٌ وَاحِدَةٌ- وَهِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ: "وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ" فَإِذَا أَخَذْتَ فِي قِرَاءَتِهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يَعْرِضَ لَكَ الشَّيْطَانُ فَيَصُدَّكَ عن تَدَبُّرِهِ وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ، وَلَيْسَ يُرِيدُ اسْتَعِذْ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، بَلْ هُوَ كَقَوْلِكَ إِذَا أَكَلْتَ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ، أَيْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْكُلَ. وَقَدْ رَوَى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوَذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ [[الهمزة: النخس والغمز، وكل شي دفعته فقد همزته. والنفخ: الكبر، لان المتكبر يتعاظم ويجمع نفسه ونفسه فيحتاج أن ينفخ. والنفث: قال ابن الأثير: جاء تفسيره في الحديث أنه الشعر، لأنه ينفث من الفم.]] ". وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَعَوَّذُ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ. قَالَ أَلْكِيَا الطَّبَرِيُّ: وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ التَّعَوُّذُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا، احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: "فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ" وَلَا شَكَّ أَنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الِاسْتِعَاذَةُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً [[راجع ج ٥ ص ٣٧٣.]] ". إِلَّا أَنَّ غَيْرَهُ مُحْتَمِلٌ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا [[راجع ج ٧ ص ١٣٧.]] وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ [[راجع ج ١٤ ص ٢٢٧.]] " وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَسْأَلَهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بَعْدَ سُؤَالِ مُتَقَدِّمٍ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْقَائِلِ: إِذَا قُلْتَ فَاصْدُقْ، وَإِذَا أَحْرَمْتَ فَاغْتَسِلْ، يَعْنِي قَبْلَ الْإِحْرَامِ. وَالْمَعْنَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ: إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الِاسْتِعَاذَةُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى [[راجع ج ٦ ص ٨٠.]]، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الاستعاذة مستوفى [[راجع ج ١ ص ٨٦.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب