الباحث القرآني

يُقَالُ: ظَلَّ يَفْعَلُ كَذَا، أَيْ يَفْعَلُهُ بِالنَّهَارِ. وَالْمَصْدَرُ الظُّلُولُ أَيْ لَوْ أُجِيبُوا إِلَى مَا اقْتَرَحُوا مِنَ الْآيَاتِ لَأَصَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ وَتَعَلَّلُوا بِالْخَيَالَاتِ، كَمَا قَالُوا لِلْقُرْآنِ الْمُعْجِزِ: إِنَّهُ سِحْرٌ. "يَعْرُجُونَ" مِنْ عَرَجَ يَعْرُجُ أَيْ صَعِدَ. وَالْمَعَارِجُ الْمَصَاعِدُ أَيْ لَوْ صَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ وَشَاهَدُوا الْمَلَكُوتَ وَالْمَلَائِكَةَ لَأَصَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ، عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي "عَلَيْهِمْ" لِلْمُشْرِكِينَ. وَفِي "فَظَلُّوا" لِلْمَلَائِكَةِ، تَذْهَبُ وَتَجِيءُ أَيْ لَوْ كُشِفَ لِهَؤُلَاءِ حَتَّى يُعَايِنُوا أَبْوَابًا فِي السَّمَاءِ تَصْعَدُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ وَتَنْزِلُ لَقَالُوا: رَأَيْنَا بِأَبْصَارِنَا مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، عَنِ ابن عباس وقتادة. ومعنى (سُكِّرَتْ) سُدَّتْ بِالسِّحْرِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: سُحِرَتْ. الْكَلْبِيُّ: أُغْشِيَتْ أَبْصَارُنَا، وَعَنْهُ أَيْضًا عَمِيَتْ. قَتَادَةُ: أُخِذَتْ. وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: دِيرَ بِنَا، مِنَ الدَّوَرَانِ، أَيْ صَارَتْ أَبْصَارُنَا سَكْرَى. جُوَيْبِرٌ: خُدِعَتْ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: "سُكِّرَتْ" غُشِّيَتْ وَغُطِّيَتْ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: وَطَلَعَتْ شَمْسٌ عَلَيْهَا مِغْفَرُ ... وَجَعَلَتْ عَيْنُ الْحَرُورِ تَسْكَرُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: "سُكِّرَتْ" حُبِسَتْ. وَمِنْهُ قَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ: فَصِرْتُ [[في اللسان مادة سكر: "جذلت" بالجيم والذال المفتوحتين، ومعنى "جذل" انتصب وثبت لا يبرح. وليلة طلق: مشرق لا برد فيها ولا حر، ولا مطر ولا قر.]] عَلَى لَيْلَةٍ سَاهِرَةْ ... فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ وَلَا سَاكِرَةْ قُلْتُ: وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ: مُنِعَتْ. قَالَ ابْنُ عُزَيْزٍ: "سُكِّرَتْ أَبْصارُنا" سُدَّتْ أَبْصَارُنَا، هُوَ مِنْ قَوْلِكَ، سَكَرْتُ النَّهْرَ إِذَا سَدَدْتَهُ. وَيُقَالُ: هُوَ مِنْ سُكْرِ الشَّرَابِ، كَأَنَّ الْعَيْنَ يَلْحَقُهَا مَا يَلْحَقُ الشَّارِبَ إِذَا سَكِرَ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ "سَكِرَتْ" بِالتَّخْفِيفِ. وَالْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: سُكِّرَتْ مُلِئَتْ [[عبارة أبن الاعرابي كما في نسخ الأصل: (سكرت ميلت، وسكرت ملكت) ولم نر ما يؤيد هذا، ولعله تكرير من النساخ مع تحريف.]]. قال المهدوي: والتخفيف والتشديد فِي "سُكِّرَتْ" ظَاهِرَانِ، التَّشْدِيدُ لِلتَّكْثِيرِ وَالتَّخْفِيفُ يُؤَدِّي عَنْ مَعْنَاهُ. وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ "سَكِرَ" لَا يَتَعَدَّى. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُمِعَ مُتَعَدِّيًا فِي الْبَصَرِ. وَمَنْ قَرَأَ "سَكِرَتْ" فَإِنَّهُ شَبَّهَ مَا عَرَضَ لِأَبْصَارِهِمْ بِحَالِ السَّكْرَانِ، كَأَنَّهَا جَرَتْ مَجْرَى السَّكْرَانِ لِعَدَمِ تَحْصِيلِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ بِالتَّخْفِيفِ [مِنْ] سُكْرِ الشَّرَابِ، وَبِالتَّشْدِيدِ أُخِذَتْ، ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: وَالْمَعْرُوفُ مِنْ قِرَاءَةِ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ "سُكِرَتْ" بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ الْحَسَنُ: أَيْ سُحِرَتْ. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ يُقَالُ: سُكِّرَتْ أَبْصَارُهُمْ إِذَا غَشِيَهَا سَمَادِيرُ [[السمادير: ضعف البصر. وقيل: هو الذي يتراءى للإنسان من ضعف بصره عند السكر من الشراب.]] حَتَّى لَا يُبْصِرُوا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قَرَأَ "سُكِرَتْ" أَخَذَهُ مِنْ سُكُورِ الرِّيحِ [[سكونها بعد الهبوب.]]. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ. وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: هُوَ مِنَ السُّكْرِ فِي الشَّرَابِ. وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ، أَيْ غَشِيَهُمْ مَا غَطَّى أَبْصَارَهُمْ كَمَا غَشِيَ السَّكْرَانَ مَا غَطَّى عَقْلَهُ. وَسُكُورُ الرِّيحِ سُكُونُهَا وَفُتُورُهَا، فَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى التحيير.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب