الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ﴾ أَيْ أَبْدَعَهَا وَاخْتَرَعَهَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ. (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ) أَيْ مِنَ السَّحَابِ. (مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ) أي من الشجر ثَمَرَاتٍ (رِزْقاً لَكُمْ). (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي "الْبَقَرَةِ" [[راجع ج ٢ ص ١٩٤.]]. (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ) يَعْنِي الْبِحَارَ الْعَذْبَةَ لِتَشْرَبُوا مِنْهَا وَتَسْقُوا وَتَزْرَعُوا، وَالْبِحَارَ الْمَالِحَةَ لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ مِنَ الْجِهَاتِ. (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) أَيْ فِي إِصْلَاحِ مَا يُصْلِحَانِهِ مِنَ النَّبَاتِ وَغَيْرِهِ، وَالدُّءُوبُ مُرُورُ الشَّيْءِ فِي الْعَمَلِ عَلَى عَادَةٍ جَارِيَةٍ. وَقِيلَ: دَائِبَيْنِ فِي السَّيْرِ امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ، وَالْمَعْنَى يَجْرِيَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَفْتُرَانِ، رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) أَيْ لِتَسْكُنُوا فِي اللَّيْلِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ فِي النَّهَارِ، كَمَا قَالَ: ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾[[راجع ج ١٣ ص ١٠٨.]] [القصص: ٧٣]. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ أَيْ أَعْطَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَسْئُولٍ سَأَلْتُمُوهُ شَيْئًا، فَحَذَفَ، عَنِ الْأَخْفَشِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ، وَمِنْ كُلِّ مَا لَمْ تَسْأَلُوهُ فَحَذَفَ، فَلَمْ نَسْأَلْهُ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا كَثِيرًا مِنْ نِعَمِهِ الَّتِي ابْتَدَأَنَا بِهَا. وهذا كما قال: ﴿سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾[[راجع ج ١٠ ص ١٦٠.]] [النحل: ٨١] عَلَى مَا يَأْتِي. وَقِيلَ: "مِنْ" زَائِدَةٌ، أَيْ آتَاكُمْ كُلَّ مَا سَأَلْتُمُوهُ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمَا "وَآتَاكُمْ مِنْ كُلٍّ" بِالتَّنْوِينِ "مَا سَأَلْتُمُوهُ" وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنِ الْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ، هِيَ عَلَى النَّفْيِ أَيْ مِنْ كُلِّ مَا لَمْ تَسْأَلُوهُ، كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِهِمَا. وقيل: من كل شي مَا سَأَلْتُمُوهُ أَيِ الَّذِي مَا سَأَلْتُمُوهُ. (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ) أَيْ نِعَمَ اللَّهِ. (لَا تُحْصُوها) وَلَا تُطِيقُوا عَدَّهَا، وَلَا تَقُومُوا بِحَصْرِهَا لِكَثْرَتِهَا، كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَتَقْوِيمِ الصُّوَرِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعَافِيَةِ وَالرِّزْقِ، [نِعَمٌ لَا تُحْصَى] [[من اوج وووى.]] وَهَذِهِ النِّعَمُ مِنَ اللَّهِ، فَلِمَ تُبَدِّلُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ بِالْكُفْرِ؟! وَهَلَّا اسْتَعَنْتُمْ بِهَا عَلَى الطَّاعَةِ؟! (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) الْإِنْسَانُ لَفْظُ جِنْسٍ وَأَرَادَ بِهِ الْخُصُوصَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ أَبَا جَهْلٍ. وقيل: جميع الكفار.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب