الباحث القرآني

قوله تعالى: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) أَيْ بَرَزُوا مِنْ قُبُورِهِمْ، يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَالْبُرُوزُ الظُّهُورُ. وَالْبَرَازُ الْمَكَانُ الْوَاسِعُ لِظُهُورِهِ، وَمِنْهُ امْرَأَةٌ بَرْزَةٌ أَيْ تَظْهَرُ [[قال في المصباح: امرأة برزه عفيفة تبرز للرجال وتتحدث معهم وهى المرأة التي أسنت وخرجت عن حد المحجوبات. وامرأة برزة بارزة المحاسن. قال الراغب: لأن رفعتها بالعفة لا إن اللفظة اقتضت ذلك.]] لِلنَّاسِ، فَمَعْنَى، "بَرَزُوا" ظَهَرُوا مِنْ قُبُورِهِمْ. وَجَاءَ بِلَفْظِ، الْمَاضِي وَمَعْنَاهُ الِاسْتِقْبَالُ، وَاتَّصَلَ هَذَا بِقَوْلِهِ: "وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ" أَيْ وَقَارَبُوا لَمَّا اسْتَفْتَحُوا فَأُهْلِكُوا، ثُمَّ بُعِثُوا لِلْحِسَابِ فَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا لَا يَسْتُرُهُمْ عَنْهُ سَاتِرٌ. "لِلَّهِ" لِأَجْلِ أَمْرِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ بِالْبُرُوزِ. (فَقالَ الضُّعَفاءُ) يَعْنِي الْأَتْبَاعَ (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وَهُمُ الْقَادَةُ. (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَبَعٌ مَصْدَرًا، التقدير: ذوي تبع. ويجوز أن يكون تَابِعٍ، مِثْلُ حَارِسٍ وَحَرَسٍ، وَخَادِمٍ وَخَدَمٍ، وَرَاصِدٍ وَرَصَدٍ، وَبَاقِرٍ وَبَقَرٍ [[بقر: شق ووسع]]. (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ) أَيْ دَافِعُونَ (عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) أَيْ شَيْئًا، وَ "مِنْ" صِلَةٌ، يُقَالُ: أَغْنَى عَنْهُ إِذَا دَفَعَ عَنْهُ الْأَذَى، وَأَغْنَاهُ إِذَا أَوْصَلَ إِلَيْهِ النَّفْعَ. (قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ) أَيْ لَوْ هَدَانَا اللَّهُ إِلَى الْإِيمَانِ لَهَدَيْنَاكُمْ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: لَوْ هَدَانَا اللَّهُ إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ لَهَدَيْنَاكُمْ إِلَيْهَا. وَقِيلَ، لَوْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ لَنَجَّيْنَاكُمْ مِنْهُ. (سَواءٌ عَلَيْنا) هَذَا ابْتِدَاءٌ خَبَرُهُ "أَجَزِعْنا" أَيْ: (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ مَحِيصٍ) أَيْ مِنْ مَهْرَبٍ وَمَلْجَأٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَبِمَعْنَى الِاسْمِ، يُقَالُ: حَاصَ فُلَانٌ عَنْ كَذَا أَيْ فَرَّ وَزَاغَ يَحِيصُ حَيْصًا وَحُيُوصًا وَحَيَصَانًا، وَالْمَعْنَى: مَا لَنَا وَجْهٌ نَتَبَاعَدُ بِهِ عَنِ النَّارِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "يَقُولُ أَهْلُ النَّارِ إِذَا اشْتَدَّ بِهِمُ الْعَذَابُ تَعَالَوْا نَصْبِرُ فَيَصْبِرُونَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ قَالُوا هَلُمَّ فَلْنَجْزَعْ فَيَجْزَعُونَ وَيَصِيحُونَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ قَالُوا" سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ مَحِيصٍ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كعب القرظي: ذكر لما أَنَّ أَهْلَ النَّارِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَا هؤلاء! قد نزل بكم من البلا وَالْعَذَابِ مَا قَدْ تَرَوْنَ، فَهَلُمَّ فَلْنَصْبِرْ، فَلَعَلَّ الصَّبْرَ يَنْفَعُنَا كَمَا صَبَرَ أَهْلُ الطَّاعَةِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَنَفَعَهُمُ الصَّبْرُ إِذْ صَبَرُوا، فَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ فَصَبَرُوا، فَطَالَ صَبْرُهُمْ فَجَزِعُوا، فَنَادَوْا: "سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ مَحِيصٍ" أَيْ مَنْجًى، فَقَامَ إِبْلِيسُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ" يَقُولُ: لَسْتُ بِمُغْنٍ عَنْكُمْ شَيْئًا "وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ" الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي كِتَابِ "التَّذْكِرَةِ" بِكَمَالِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَقِفُ إِبْلِيسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَطِيبًا فِي جَهَنَّمَ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ نَارٍ يَسْمَعُهُ الْخَلَائِقُ جَمِيعًا. وَمَعْنَى: "لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ" أَيْ حَصَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي "مَرْيَمَ" [[راجع ج ١١ ص ١٠٥.]] عَلَيْهَا السَّلَامُ. (إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ) يَعْنِي الْبَعْثَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَثَوَابَ الْمُطِيعِ وَعِقَابَ الْعَاصِي فَصَدَقَكُمْ وَعْدَهُ، وَوَعَدْتُكُمْ أَنْ لَا بَعْثَ وَلَا جَنَّةَ وَلَا نَارَ وَلَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ فَأَخْلَفْتُكُمْ. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ قَالَ: "فَيَقُولُ عِيسَى أَدُلُّكُمْ عَلَى النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ فَيَأْتُونِي فَيَأْذَنُ اللَّهُ لِي أَنْ أَقُومَ فَيَثُورُ مَجْلِسِي مِنْ أَطْيَبِ رِيحٍ شَمَّهَا أَحَدٌ حَتَّى آتِيَ رَبِّي فَيُشَفِّعُنِي وَيَجْعَلُ لِي نُورًا مِنْ شَعْرِ رَأْسِي إِلَى ظُفْرِ قدمي ثم يقول الكافرون قد وجه الْمُؤْمِنُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَهُمْ فَمَنْ يَشْفَعُ لَنَا فَيَقُولُونَ مَا هُوَ غَيْرُ إِبْلِيسَ هُوَ الَّذِي أَضَلَّنَا فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ قَدْ وَجَدَ الْمُؤْمِنُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَهُمْ فَاشْفَعْ لَنَا فَإِنَّكَ أَضْلَلْتِنَا فَيَثُورُ مَجْلِسُهُ مِنْ أَنْتَنِ رِيحٍ شَمَّهَا أَحَدٌ ثُمَّ يَعْظُمُ نَحِيبُهُمْ وَيَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ:" إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ "الْآيَةَ." وَعْدَ الْحَقِّ" هُوَ إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى نَعْتِهِ [[كذا في الأصول.]] كَقَوْلِهِمْ: مَسْجِدُ الْجَامِعِ، قَالَ الْفَرَّاءُ قَالَ الْبَصْرِيُّونَ: وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْيَوْمِ الْحَقِّ أَوْ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْوَعْدِ الْحَقِّ فَصَدَقَكُمْ، فَحَذَفَ الْمَصْدَرَ لِدَلَالَةِ الْحَالِ. (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) أَيْ مِنْ حُجَّةٍ وَبَيَانٍ، أَيْ مَا أَظْهَرْتُ لَكُمْ حُجَّةً عَلَى مَا وَعَدْتُكُمْ وَزَيَّنْتُهُ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا، (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) أَيْ أَغْوَيْتُكُمْ فَتَابَعْتُمُونِي. وَقِيلَ: لَمْ أَقْهَرْكُمْ عَلَى مَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ. "إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ" هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، أَيْ لَكِنْ دَعَوْتُكُمْ بِالْوَسْوَاسِ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي بِاخْتِيَارِكُمْ، "فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ" وَقِيلَ: "وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ" أَيْ عَلَى قُلُوبِكُمْ وموضع إيمانكم لكن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي، وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ خَطَبَ الْعَاصِيَ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ الْجَاحِدَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِقَوْلِهِ: "لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ" فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَطَبَ الْكُفَّارَ دُونَ الْعَاصِينَ الْمُوَحِّدِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) إِذَا جِئْتُمُونِي مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ. (مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ) أَيْ بِمُغِيثِكُمْ. (وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) أَيْ بِمُغِيثِيَّ. وَالصَّارِخُ وَالْمُسْتَصْرِخُ هُوَ الَّذِي يَطْلُبُ النُّصْرَةَ وَالْمُعَاوَنَةَ، وَالْمُصْرِخُ هُوَ الْمُغِيثُ. قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ: كُنَّا إِذَا مَا أَتَانَا صَارِخٌ فَزِعٌ ... وَكَانَ الصُّرَاخُ لَهُ قَرْعُ الظَّنَابِيبِ [[الظنابيب (جمع) ظنبوب، وهو حرف الساق اليابس من قدم. وقرع الظنبوب أن يقرع الرجل ظنبوب البعير لينوخ له فيركبه، والمراد هنا سرعة الإجابة.]] وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ: وَلَا تَجْزَعُوا إِنِّي لَكُمْ غَيْرُ مُصْرِخٍ ... وَلَيْسَ لَكُمْ عِنْدِي غَنَاءٌ وَلَا نَصْرُ يُقَالُ: صَرَخَ فُلَانٌ أَيِ اسْتَغَاثَ يَصْرُخُ صَرْخًا وَصُرَاخًا وَصَرْخَةً. وَاصْطَرَخَ بِمَعْنَى صَرَخَ. وَالتَّصَرُّخُ تَكَلُّفُ الصُّرَاخِ. وَالْمُصْرِخُ الْمُغِيثُ، وَالْمُسْتَصْرِخُ الْمُسْتَغِيثُ، تَقُولُ مِنْهُ: اسْتَصْرَخَنِي فَأَصْرَخْتُهُ. وَالصَّرِيخُ صَوْتُ الْمُسْتَصْرِخِ. وَالصَّرِيخُ أَيْضًا الصَّارِخُ، وَهُوَ الْمُغِيثُ وَالْمُسْتَغِيثُ، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ "بِمُصْرِخِيَّ" بِفَتْحِ الْيَاءِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ "بِمُصْرِخِيِّ" بِكَسْرِ الْيَاءِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا بِمُصْرَخِيينَ فَذَهَبَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ، وَأُدْغِمَتْ يَاءُ الْجَمَاعَةِ فِي يَاءِ الْإِضَافَةِ، فَمَنْ نَصَبَ فَلِأَجْلِ التَّضْعِيفِ، وَلِأَنَّ يَاءَ الْإِضَافَةِ إِذَا سُكِّنَ مَا قَبْلَهَا تَعَيَّنَ فِيهَا الْفَتْحُ مِثْلُ: هَوَايَ وَعَصَايَ، فَإِنْ تَحَرَّكَ مَا قَبْلَهَا جَازَ الْفَتْحُ وَالْإِسْكَانُ، مِثْلُ: غُلَامِي وَغُلَامَتِي، وَمَنْ كَسَرَ فَلِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ حُرِّكَتْ إِلَى الْكَسْرِ، لِأَنَّ الْيَاءَ أُخْتُ الْكِسْرَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَهَمٌ مِنْهُ، وَقَلَّ مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ [[أي من الفراء]] عَنْ خَطَأٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ قِرَاءَةٌ رَدِيئَةٌ وَلَا وَجْهَ لَهَا إِلَّا وَجْهٌ ضَعِيفٌ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: هَذِهِ لُغَةُ بَنِي يَرْبُوعٍ يَزِيدُونَ عَلَى يَاءِ الْإِضَافَةِ يَاءً. الْقُشَيْرِيُّ: وَالَّذِي يُغْنِي عَنْ هَذَا أَنَّ مَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ هُوَ خَطَأٌ أَوْ قَبِيحٌ أو ردئ، بَلْ هُوَ فِي الْقُرْآنِ فَصِيحٌ، وَفِيهِ مَا هُوَ أَفْصَحُ مِنْهُ، فَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ أَرَادُوا أَنَّ غَيْرَ هَذَا الَّذِي قَرَأَ بِهِ حَمْزَةَ أَفْصَحُ. (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) أَيْ كَفَرْتُ بِإِشْرَاكِكُمْ إِيَّايَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى في الطاعة، ف "لَمَّا" بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ [[كذا في ع، وفى اوج وو: ابن بجر.]]: إِنِّي كَفَرْتُ الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَدَّعُونَهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ تَعَالَى. قَتَادَةُ: إِنِّي عَصَيْتُ اللَّهَ. الثَّوْرِيُّ: كَفَرْتُ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّايَ فِي الدُّنْيَا. (إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ). وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْإِمَامِيَّةِ وَمَنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِهِمْ، انْظُرْ إِلَى قَوْلِ الْمَتْبُوعِينَ: "لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ" وَقَوْلِ إِبْلِيسَ: "إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ" كَيْفَ اعْتَرَفُوا بِالْحَقِّ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُمْ فِي دَرَكَاتِ النَّارِ، كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها﴾ [الملك: ٨] إلى قوله: ﴿فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ﴾[[راجع ج ١٨ ص ٢١٢.]] [الملك: ١١] وَاعْتِرَافُهُمْ فِي دَرَكَاتِ لَظًى بِالْحَقِّ لَيْسَ بِنَافِعٍ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُ الِاعْتِرَافُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾[[راجع ج ٨ ص ٢٤١ وص ٣١٣.]] [التوبة: ١٠٢] و "عسى" من الله واجبة [[أي ما دلت عليه محقق الحصول من الله.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب