الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾ الْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، لِأَنَّهَا نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَكَذَلِكَ الْكَافُ فِي قَوْلِهِ: "كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ" وَ "مَا" كَافَّةٌ. وَقِيلَ: "وَكَذلِكَ" أَيْ كَمَا أَكْرَمَكَ بِالرُّؤْيَا فَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ، وَيُحْسِنُ إِلَيْكَ بِتَحْقِيقِ الرُّؤْيَا. قَالَ مُقَاتِلٌ: بِالسُّجُودِ لَكَ. الْحَسَنُ: بِالنُّبُوَّةِ. وَالِاجْتِبَاءُ اخْتِيَارُ مَعَالِي الْأُمُورِ لِلْمُجْتَبَى، وَأَصْلُهُ مِنْ جَبَيْتُ الشَّيْءَ أَيْ حَصَّلْتُهُ، وَمِنْهُ جَبَيْتُ الْمَاءَ فِي الحوض، قال النَّحَّاسُ. وَهَذَا ثَنَاءٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَتَعْدِيدٌ فِيمَا عَدَّدَهُ عَلَيْهِ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أَتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، مِنَ التَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، وَتَعْلِيمِ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ فِي تَأْوِيلِ الرُّؤْيَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ: كَانَ تَفْسِيرُ رُؤْيَا يُوسُفَ ﷺ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةٍ، وَذَلِكَ مُنْتَهَى الرُّؤْيَا. وَعَنَى بِالْأَحَادِيثِ مَا يَرَاهُ النَّاسُ فِي الْمَنَامِ، وَهِيَ مُعْجِزَةٌ لَهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهَا خَطَأٌ. وَكَانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِتَأْوِيلِهَا، وَكَانَ نَبِيُّنَا ﷺ نَحْوَ ذَلِكَ، وَكَانَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لَهَا، وَحَصَلَ لِابْنِ سِيرِينَ فِيهَا التَّقَدُّمُ الْعَظِيمُ، وَالطَّبْعُ وَالْإِحْسَانُ، وَنَحْوُهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ كان سعيد بن المسيب فيما ذكروا. وقد قيل في تأويل قوله: (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) أَيْ أَحَادِيثِ الْأُمَمِ وَالْكُتُبِ وَدَلَائِلِ التَّوْحِيدِ، فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى النُّبُوَّةِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ: (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) أَيْ بِالنُّبُوَّةِ. وَقِيلَ: بِإِخْرَاجِ إِخْوَتِكَ، إِلَيْكَ، وَقِيلَ: بِإِنْجَائِكَ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ. (كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ) بِالْخُلَّةِ، وَإِنْجَائِهِ مِنَ النَّارِ. (وَإِسْحاقَ) بِالنُّبُوَّةِ. وَقِيلَ: مِنَ الذَّبْحِ [[تقدم أن الذبيح هو إسماعيل وهو الحق وسيأتي في "والصافات" أيضا، وفى ع: والفدا من الذبح.]]، قَالَهُ عِكْرِمَةُ. بما يعطيك. وَأَعْلَمُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: "وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ" أَنَّهُ سَيُعْطِي بَنِي يَعْقُوبَ كُلَّهُمُ النُّبُوَّةَ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ) بِمَا يعطيك. (حَكِيمٌ) في فعله بك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب