الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ﴾ هَذَا خَبَرٌ مِنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي رُؤْيَا الْمَلِكِ، وَلَكِنَّهُ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ الَّذِي أَتَاهُ اللَّهُ. قَالَ قَتَادَةُ: زَادَهُ اللَّهُ علم سنة لم يسألوه عَنْهَا إِظْهَارًا لِفَضْلِهِ، وَإِعْلَامًا لِمَكَانِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَبِمَعْرِفَتِهِ. (فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ) مِنَ الْإِغَاثَةِ أَوِ الغوث، غوث الرجل فال وا غوثاه، وَالِاسْمُ الْغَوْثُ وَالْغُوَاثُ وَالْغَوَاثُ، وَاسْتَغَاثَنِي فُلَانٌ فَأَغَثْتُهُ، وَالِاسْمُ الْغِيَاثُ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا. وَالْغَيْثُ الْمَطَرُ، وَقَدْ غَاثَ الْغَيْثُ الْأَرْضَ أَيْ أَصَابَهَا، وَغَاثَ اللَّهُ الْبِلَادَ يَغِيثُهَا غَيْثًا، وَغِيثَتِ الْأَرْضُ تُغَاثُ غَيْثًا، فَهِيَ أَرْضٌ مَغِيثَةٌ وَمَغْيُوثَةٌ، فَمَعْنَى "يُغاثُ النَّاسُ" يُمْطَرُونَ. (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْصِرُونَ الْأَعْنَابَ وَالدُّهْنَ، ذَكَرَهُ البخاري. وروى حجاج عن ابن جريح قَالَ: يَعْصِرُونَ الْعِنَبَ خَمْرًا وَالسِّمْسِمَ دُهْنًا، وَالزَّيْتُونَ زَيْتًا. وَقِيلَ: أَرَادَ حَلْبَ الْأَلْبَانِ لِكَثْرَتِهَا، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى كَثْرَةِ النَّبَاتِ. وَقِيلَ: "يَعْصِرُونَ" أَيْ يَنْجُونَ، وَهُوَ مِنَ الْعُصْرَةِ، وَهِيَ الْمَنْجَاةُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَالْعَصَرُ بِالتَّحْرِيكِ الْمَلْجَأُ وَالْمَنْجَاةُ، وَكَذَلِكَ الْعُصْرَةُ، قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ [[قاله في رثاء ابن أخته وكان مات عطشا في طريق مكة.]]: صَادِيًّا يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ ... وَلَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ الْمَنْجُودِ وَالْمَنْجُودُ الْفَزِعُ. وَاعْتَصَرْتُ بِفُلَانٍ وَتَعَصَّرْتُ أَيِ الْتَجَأْتُ إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو الْغَوْثِ: "يَعْصِرُونَ" يَسْتَغِلُّونَ، وَهُوَ مِنْ عَصْرِ الْعِنَبِ. وَاعْتَصَرْتُ مَالَهُ أَيِ اسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ يَدِهِ. وَقَرَأَ عِيسَى "تُعْصَرُونَ" بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ، وَمَعْنَاهُ: تُمْطَرُونَ، مِنْ قَوْلِ [اللَّهِ] [[من ع.]]: ﴿وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً﴾[[راجع ج ١٩ ص ١٦٩.]] [النبأ: ١٤] وَكَذَلِكَ مَعْنَى "تُعْصِرُونَ" بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ، فيمن قرأه كذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب