الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَفَلا يَعْلَمُ﴾ أَيِ ابْنُ آدَمَ (إِذا بُعْثِرَ) أَيْ أُثِيرَ وَقُلِبَ وَبُحِثَ، فَأُخْرِجَ مَا فِيهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بَعْثَرْتُ الْمَتَاعَ: جَعَلْتُ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: ذَلِكَ حِينَ يُبْعَثُونَ. الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَعْرَابِ بَنِي أَسَدٍ يَقْرَأُ: "بُحْثِرَ" بِالْحَاءِ مَكَانَ الْعَيْنِ، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُمَا بِمَعْنًى. (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) أَيْ مُيِّزَ مَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، كَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُبْرِزَ. وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ "وَحَصَلَ" بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ وَفَتْحِهَا، أَيْ ظَهَرَ. (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) أَيْ عَالِمٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ. وَهُوَ عَالِمٌ بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُجَازِيهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَقَوْلُهُ: إِذا بُعْثِرَ الْعَامِلُ فِي إِذا: بُعْثِرَ، وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ يَعْلَمُ، إِذْ لَا يُرَادُ بِهِ الْعِلْمُ مِنَ الْإِنْسَانِ ذَلِكَ الْوَقْتَ، إِنَّمَا يُرَادُ في الدنيا. ولا يعمل فيه لَخَبِيرٌ، لِأَنَّ مَا بَعْدَ إِنَّ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قبلها. والعامل في يَوْمَئِذٍ: لَخَبِيرٌ، وَإِنْ فَصَلَتِ اللَّامُ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ مَوْضِعَ اللَّامِ الِابْتِدَاءُ. وَإِنَّمَا دَخَلَتْ فِي الْخَبَرِ لِدُخُولِ إِنَّ عَلَى الْمُبْتَدَأِ. وَيُرْوَى أَنَّ الْحَجَّاجَ قَرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَحُضُّهُمْ عَلَى الْغَزْوِ، فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ: أَنَّ رَبَّهُمْ بِفَتْحِ الْأَلِفِ، ثُمَّ استدركها فقال: لَخَبِيرٌ بِغَيْرِ لَامٍ. وَلَوْلَا اللَّامُ لَكَانَتْ مَفْتُوحَةً، لِوُقُوعِ الْعِلْمِ عَلَيْهَا. وَقَرَأَ أَبُو السَّمَّالِ أَنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ خَبِيرٌ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب