الباحث القرآني

بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة يونس عليه السلام سُورَةُ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ﴾[[راجع ص ٣٨٢ وص ٣٤٥ من هذا الجزء.]] [يونس: ٩٤] إِلَى آخِرِهِنَّ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِلَّا آيَتَيْنِ وَهِيَ قَوْلُهُ: "فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ" نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَكِّيَّةٌ إِلَّا قَوْلَهُ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ﴾[[كذا في نسخ الأصل وتفسير ابن عطية.]] [يونس: ٤٠] نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي الْيَهُودِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: نَزَلَ مِنْ أَوَّلِهَا نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِينَ آيَةً بِمَكَّةَ وباقيها بالمدينة. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١) قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الر﴾ قَالَ النَّحَّاسُ: قُرِئَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبِ بن علي ابن الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ أَنَّ عِكْرِمَةَ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الر، وَحم، وَنون [حُرُوفُ] الرَّحْمَنِ مُفَرَّقَةٌ، فَحَدَّثْتُ بِهِ الْأَعْمَشَ فَقَالَ: عِنْدَكَ أَشْبَاهُ هَذَا وَلَا تُخْبِرُنِي بِهِ؟. وَعَنِ ابن عباس أيضا قال: معنى "الر" أَنَا اللَّهُ أَرَى. قَالَ النَّحَّاسُ: وَرَأَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى مِثْلَهُ عَنِ الْعَرَبِ وَأَنْشَدَ: بالخير خيرات وإن شرافا ... وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ [[أجزيك بالخير خيرات وإن كان منك شر كان منى مثله ولا أريد الشر إلا أن تشاء. (عن شرح الشواهد).]] إِلَّا أَنْ تَا وَقَالَ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ: "الر" قَسَمٌ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: "الر" اسْمُ السُّورَةِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ هِجَاءٍ فِي الْقُرْآنِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ فَوَاتِحُ السُّوَرِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: هِيَ تَنْبِيهٌ، وكذا حروف التهجي. وقرى "الر" من غير إمالة. وقرى بالامالة لئلا تشبه ما ولا من الحروف. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ﴾ ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، أَيْ تِلْكَ الَّتِي جَرَى ذِكْرُهَا آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: أَرَادَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْكُتُبَ الْمُتَقَدِّمَةَ، فَإِنَّ "تِلْكَ" إِشَارَةٌ إِلَى غَائِبٍ مُؤَنَّثٍ. وَقِيلَ: "تِلْكَ" بِمَعْنَى هَذِهِ، أَيْ هَذِهِ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى: تِلْكَ خَيْلِي مِنْهُ وَتِلْكَ رِكَابِي ... هُنَّ صُفْرٌ أَوْلَادُهَا كَالزَّبِيبِ أَيْ هَذِهِ خَيْلِي. وَالْمُرَادُ الْقُرْآنُ وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِلْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ ذِكْرٌ، وَلِأَنَّ "الْحَكِيمِ" مِنْ نَعْتِ الْقُرْآنِ. دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ﴾[[راجع ج ٩ ص ٢.]] [هود: ١] وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ "الْبَقَرَةِ" [[راجع ج ١ ص ١٥٧ وما بعدها.]]. وَالْحَكِيمُ: الْمُحْكَمُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: الْحَكِيمُ بِمَعْنَى الْحَاكِمِ، أَيْ إِنَّهُ حَاكِمٌ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَحَاكِمٌ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. دَلِيلُهُ قَوْلُهُ: ﴿وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾[[راجع ج ٣ ص ٣٠.]] [البقرة: ٢١٣]. وَقِيلَ: الْحَكِيمُ بِمَعْنَى الْمَحْكُومِ فِيهِ، أَيْ حَكَمَ اللَّهُ فِيهِ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَحَكَمَ فِيهِ بِالنَّهْيِ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَبِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَبِالنَّارِ لِمَنْ عَصَاهُ، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْحَكِيمُ بِمَعْنَى الْمُحْكَمِ مِنَ الْبَاطِلِ لَا كَذِبَ فِيهِ وَلَا اخْتِلَافَ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعَلٌ، كَقَوْلِ الْأَعْشَى يَذْكُرُ قَصِيدَتَهُ الَّتِي قَالَهَا: وَغَرِيبَةٍ تَأْتِي الْمُلُوكَ حَكِيمَةٍ ... قَدْ قُلْتُهَا لِيُقَالَ مَنْ ذَا قالها
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب