الباحث القرآني

ولَمّا أتَمَّ سُبْحانَهُ ما أرادَ مِن أمْرِ الخَلْقِ وهو الإيجادُ [بِالأسْبابِ] (p-١٥٩)بِالتَّدْرِيجِ، أخَذَ في التَّنْبِيهِ عَلى عالَمِ الأمْرِ وهو الإبْداعُ مِن غَيْرِ أسْبابٍ، فَقالَ مُكَرِّرًا لِلْأمْرِ بِالقِراءَةِ تَنْبِيهًا عَلى عِظَمِ شَأْنِها وتَأْنِيسًا لَهُ ﷺ ومُسَكِّنًا لِرَوْعِهِ ومُعْلِمًا أنَّ مَن جاءَهُ الأمْرُ مَن قَبْلِهِ لَيْسَ كَأرْبابِهِمْ: ﴿اقْرَأْ﴾ ولَمّا كانَ قَدْ قالَ ﷺ عِنْدَ هَذا الأمْرِ إخْبارًا بِالواقِعِ كَما يَقُولُ لِسانُ الحالِ لَوْ لَمْ يَنْطِقْ بِلِسانِ المَقالِ: ما أنا بِقارِئِ، فَكانَ التَّقْدِيرُ: فَرَبُّكَ الَّذِي رَبّاكَ فَأحْسَنَ تَرْبِيَتَكَ وأدَّبَكَ فَأحْسَنَ تَأْدِيبَكَ أمَرَكَ بِالقِراءَةِ وهو قادِرٌ عَلى جَعْلِكَ قارِئًا، عَطَفَ عَلَيْهِ [قَوْلَهُ]: ﴿ورَبُّكَ﴾ أيْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: والحالُ أنَّ الَّذِي خَصَّكَ بِالإحْسانِ الجَمِّ ﴿الأكْرَمُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الكَمالُ الأعْظَمُ مُطْلَقًا مِن جِهَةِ الذّاتِ ومِن جِهَةِ الصِّفاتِ ومِن جِهَةِ الأفْعالِ، فَلا يَلْحَقُهُ نَقْصٌ في شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ [أصْلًا] لِأنَّ حَقِيقَتَهُ البَعِيدُ عَنِ اللَّوْمِ الجامِعِ لِمَساوِئِ الأخْلاقِ، فَهو الجامِعُ لِمَعالِي الأخْلاقِ، ولَيْسَ غَيْرُهُ يَتَّصِفُ بِذَلِكَ، فَهو يُعْطِيكَ ما لا يَدْخُلُ تَحْتَ الحَصْرِ، وأشارَ إلى [أنَّ] مِن ذَلِكَ أنَّهُ يَفِيضُ عَلى أُمَّتِهِ الأُمِّيَّةِ مِنَ العِلْمِ والحَظِّ ما لَمْ يَفُضْهُ عَلى أُمَّةٍ قَبْلَها عَلى قِصَرِ أعْمارِهِمْ، فَقالَ مُشِيرًا إلى العِلْمِ التَّعْلِيمِ، مُشْعِرًا بِوَصْفِهِ سُبْحانَهُ بِالمَنحِ بِالعِلْمِ إلى تَرْتِيبِ الحُكْمِ بِالأكْرَمِيَّةِ عَلى هَذا الوَصْفِ النّاقِلِ لِلْإنْسانِ مِنَ الحالِ العَقْلِيِّ السّافِلِ إلى هَذا الحالِ (p-١٦٠)العالِي الكامِلِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب