الباحث القرآني

ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَلَوْ دَعا نادِيَهُ يَكُونُ ماذا؟ قالَ: ﴿سَنَدْعُ﴾ أيْ بِوَعْدٍ لا خُلْفَ فِيهِ ﴿الزَّبانِيَةَ﴾ أيِ الأعْوانُ المُوكِلِينَ بِالنّارِ لِيَجُرُّوهُ إلَيْها، وهم في الأصْلِ الشَّرْطُ، الواحِدُ زَبْنِيَةٌ كَهِبْرِيَةٌ، مِنَ الزَّبْنِ وهو الدَّفْعُ أوْ زَبْنِي عَلى النِّسْبَةِ، أصْلُها زَبانِي والتّاءُ عِوَضٌ عَنِ الياءِ، وهم كُلُّ مَن عَظُمَ خَلْقُهُ، واشْتَدَّ بَطْشُهُ، وقَدِ اجْتَمَعَتِ المَصاحِفُ العُثْمانِيَّةُ عَلى حَذْفِ الواوِ مِن هَذا [الفِعْلِ] خَطَأً، ولا مُوجِبَ لِحَذْفِهِ مِنَ العَرَبِيَّةِ لَفْظًا، (p-١٧٢)وكَأنَّ المَعْنى في ذَلِكَ - واللَّهُ أعْلَمُ - أنْ لا يَظُنَّ أنَّهم دَعَوْا لِرَفْعَةٍ لَهم في ذَواتِهِمْ يُسْتَعانُ بِهِمْ بِسَبَبِها لِأنَّ مَعْنى الواوِ عِنْدَ الرَّبّانِيِّينَ العُلُوُّ والرِّفْعَةُ، إشارَةً إلى أنَّهم لا قُوَّةَ لَهم إلّا بِالقَوِيِّ العَزِيزِ، أوْ يُقالُ: إنَّ الحَذْفَ دالٌّ عَلى تَشْبِيهِ الفِعْلِ بِالأمْرِ لِيَدُلَّ عَلى أنَّ هَذا الدُّعاءَ أمْرٌ لا بُدَّ مِن إيقاعِ مَضْمُونِهِ، ومِن إجابَةِ المَدْعُوِّينَ إلى ما دَعَوْا إلَيْهِ، وأنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَكُونُ [عَلى] غايَةِ الإحْكامِ، والِاتِّساقِ بَيْنَ خَطِّهِ ومَعْناهُ والِانْتِظامِ، لا سِيَّما مَعَ التَّأْكِيدِ بِالسِّينِ، الدّالُّ عَلى تَحَتُّمِ الِاتِّحادِ والتَّمْكِينِ، أوْ يَكُونُ المَعْنى: إنّا نَدْعُوهم بِأيْسَرِ دُعاءٍ وأسْهَلِ أمْرٍ، فَيَكُونُ مِنهم ما لا يُطاقُ ولا يُسْتَطاعُ دِفاعُهُ بِوَجْهٍ، فَكَيْفَ لَوْ أكَّدْنا دَعْوَتَهم وقَوَّيْنا عَزْمَتَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب