الباحث القرآني

﴿وهَذا البَلَدِ﴾ أيْ مَكَّةُ، صَرَّحَ هُنا بِهَذَيْنَ المَكانَيْنِ تَرْشِيحًا لِأنَّ المُرادَ (p-١٣٧)بِالأوَّلَيْنِ مَواضِعُ نَبْتِهِما مَعَ تِلْكَ الإشارَةِ اللَّطِيفَةِ بِذِكْرِ اسْمَيْهِما إلى مُناسَبَتِهِما لِلْمُقْسَمِ مِن أجْلِهِ ﴿الأمِينِ﴾ [أيِ] الَّذِي يَأْمَنُ فِيهِ مَن حَلَّ بِهِ مِنَ البَشَرِ والطَّيْرِ والوَحْشِ، فَكانَ بِذَلِكَ كالرَّجُلِ الأمِينِ الَّذِي يَأْتَمِنُهُ آخَرُ عَلى نَفْسِهِ وما يَعِزُّ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيهِ إلَيْهِ ويُوَقِّرُهُ عَلَيْهِ، وأمانَتُهُ شامِلَةٌ لِكُلِّ ما يَخْشى حَتّى الفَقْرُ والعَيْلَةُ والجُوعُ وتَغَيُّرُ الدِّينِ بَعْدَ تُقَرِّرِهِ مَعَ أنَّ بِهِ البَيْتَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ هُدًى لِلْعالَمِينَ وقِيامًا لِلنّاسِ فَهو مَدارُ الدِّينِ والدُّنْيا، وكانَ بِهِ مِنَ الأسْرارِ بِالوَحْيِ وآثارِهِ ما لَمْ يَكُنْ في بَلَدٍ مِنَ البِلادِ، وذَلِكَ إشارَةٌ إلى أنَّهُ تَعالى كَما جَعَلَ النَّبِيَّ المَبْعُوثَ مِنهُ في [آخِرِ] الزَّمانِ في أحْسَنِ تَقْوِيمٍ جَعَلَهُ في أحْسَنِ تَقْوِيمِ البُلْدانِ إذْ كانَ آمِنًا مِن غَيْرِ مَلِكٍ [مَرْهُوبٍ -] والنّاسُ يُتَخَطَّفُونَ مِن حَوْلِهِ، وهو مَحَلُّ الأُنْسِ بِالنّاسِ كَما أنَّ الَّذِي قَبْلَهُ مَحَلُّ الأُنْسِ بِالِانْفِرادِ، وهو مَجْمَعُ المَرافِقِ ومَعْدِنُ المَنافِعِ ومَحِلُّ ذَوِي الوَجاهَةِ دِينًا ودُنْيا، ومَحَلُّ الرِّفْعَةِ والمَناصِبِ مَعَ ما حازَهُ المَكانانِ مَن تَنَزُّلِ الكُتُبِ السَّماوِيَّةِ وإشْراقِ الأنْوارِ الإلَهِيَّةِ الدِّينِيَّةِ فِيهِما، وفي ذَلِكَ تَخْوِيفٌ [لَهُمْ] بِأنَّهم إنْ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ غَيِّهِمْ أخافَهُ إخافَةً لَمْ يُخِفْها [بَلَدًا] مِن بِلادِ العَرَبِ (p-١٣٨)فَيَكُونُونَ بِذَلِكَ قَدْ رُدُّوا أسْفَلَ سافِلِينَ في البَلَدِ، كَما رُدُّوا في الأخْلاقِ بِالشِّقاقِ واللِّدادِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب