الباحث القرآني

ولَمّا كانَ [مَعَ] ذَلِكَ مُشارًا بِهِما إلى مَواضِعِ نَباتِهِما وهي الأرْضُ المُقَدَّسَةُ مِن جَمِيعِ بِلادِ الشّامِ إيماءً إلى مَن كانَ بِها مِنَ الأنْبِياءِ والتّابِعِينَ لَهم بِإحْسانٍ لا سِيَّما إبْراهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الَّذِي كانَتْ مُهاجِرَهُ فَأحْياها اللَّهُ تَعالى بِعِبادِهِ وتَرَدَّدَ المَلائِكَةُ إلَيْهِ بِالوَحْيِ ومِن بَعْدِهِ أوْلادُهُ الَّذِينَ طَهَّرَها اللَّهُ بِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ وأنارَها بِهِمْ بِالتَّوْحِيدِ، وخَتَمَهم بِعِيسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أحَدُ أُولِي العَزْمِ المُشَرَّفِ بِكَوْنِهِ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وعَلى نَبِيِّنا أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، وكانَتِ الكِنايَةُ بِالشَّجَرَتَيْنِ عَنِ البَلَدِ المُرادِ بِهِ سُكّانُهُ أبْلَغَ مِنَ التَّصْرِيحِ بِالمُرادِ مِن أوَّلِ وهْلَةٍ، ساقَهُ عَلى هَذا المَنهَجِ العَزِيزِ، ولَمْ يَبْقَ مِمَّنْ لَمْ يَسْكُنْها مِن أشْرافِهِمْ إلّا مُوسى وهارُونُ وإسْماعِيلُ ومُحَمَّدٌ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَأشارَ إلى الأوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ مُعَبِّرًا بِما يَدُلُّ عَلى أحْسَنِ التَّقْوِيمِ [لِأنَّ] الطُّورَ الجَبَلُ ذُو النَّبْتِ مِنَ النَّجْمِ والشَّجَرِ [المُثْمِرِ] وغَيْرِهِ: ﴿وطُورِ﴾ أيْ جَبَلُ المَكانِ [المُسَمّى] بِهَذا الِاسْمِ. (p-١٣٦)ولَمّا كانَ الكَلامُ في التَّقْوِيمِ، كانَ المُناسِبُ لَهُ صُورَةَ جَمْعِ السَّلامَةِ فَقالَ تَعالى: ﴿سِينِينَ﴾ أيْ وما كانَ بِالجَبَلِ ذِي النَّبْتِ الحَسَنِ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ فِيهِ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِن لَذِيذِ المُناجاةِ وعَجائِبِ المُواعَدَةِ وحِكَمِ الكَلامِ مَعَ أنَّ فِيهِ [مِنَ] الأشْجارِ والأماكِنِ ما يَكُنْ مِنَ الحَرِّ والبَرْدِ، وفِيهِ لِخُلُوِّهِ وحُسْنِهِ وعُلُوِّهِ جَمْعُ الخاطِرِ لِلْمُتَفَرِّدِ وطُمَأْنِينَةُ النَّفْسِ لِلتَّخَلِّي لِلْعِبادَةِ والتَّحَصُّنِ مِمّا يَخْشى لِعُلُوِّهِ وصُعُوبَتِهِ، وفِيهِ ما يَصْلُحُ لِلزَّرْعِ مِن غَيْرِ كُلْفَةٍ، وفِيهِ ما يَأْكُلُهُ النّاسُ والدَّوابُّ مَعَ الماءِ العَذْبِ والفَناءِ الرَّحْبِ والمَنظَرِ الأنِيقِ، وسِنِينَ وسَيْناءَ - اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي هَذا الجَبَلُ بِهِ، وأشارَ سُبْحانَهُ وتَعالى إلى الأخِيرَيْنِ مِن أوْلادِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ خِتامًا لِلْقَسَمِ بِأكْمَلِ المُقَسَمِ بِهِ كَما جَعَلَ المُنَزَّلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ [الَّذِي] هو خِتامُ الرُّسُلِ أكْمَلَ النَّوْعِ [المُقْسَمِ] لِأجْلِهِ لِيَكُونَ في البَدْءِ بِما يَرِدُ بَعْدَ حُسْنِ التَّقْوِيمِ إلى الفَسادِ والخَتْمِ بِما هو أشْرَفُ المَذْكُورِينَ بِكُلِّ اعْتِبارِ طِباقٍ حازَ أعْلى الأسْرارِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب