الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ الدُّنْيا والآخِرَةَ، ذَكَرَ ما يَشْمَلُهُما مِمّا زادَهُ مِن فَضْلِهِ، فَقالَ مُصَدِّرًا بِحَرْفِ الِابْتِداءِ تَأْكِيدًا لِلْكَلامِ لِأنَّهم يُنْكِرُونَهُ ولَيْسَتْ لِلْقَسَمِ لِأنَّها إذا دَخَلَتْ عَلى المُضارِعِ لَزِمَتْهُ النُّونُ المُؤَكِّدَةُ، وضَمَّ هَذِهِ اللّامَ إلى كَلِمَةِ التَّنْفِيسِ لِلدَّلالَةِ عَلى [أنَّ] العَطاءَ وإنْ تَأخَّرَ وقْتُهُ لِحِكْمَةِ كائِنٍ لا مَحالَةَ: ﴿ولَسَوْفَ يُعْطِيكَ﴾ أيْ بِوَعْدٍ لا خُلْفَ فِيهِ وإنْ تَأخَّرَ وقْتُهُ بِما أفْهَمَتْهُ الأداةُ ﴿رَبُّكَ﴾ أيِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُحْسِنُ إلَيْكَ بِوَعْدِ الدُّنْيا ووَعْدِ الآخِرَةِ ﴿فَتَرْضى﴾ أيْ فَيَتَعَقَّبُ عَلى ذَلِكَ ويَتَسَبَّبُ عَنْهُ رِضاكَ. وهَذا شامِلٌ لِما مَنَحَهُ بَعْدَ كَمالِ النَّفْسِ مِن كَمالِ العِلْمِ وظُهُورِ الأمْرِ وإعْلاءِ الدِّينِ وفَتْحِ البِلادِ ودَيْنُونَةِ العِبادِ ونَقْصِ مَمالِكِ الجَبابِرَةِ، وإنْهابِ كُنُوزِ الأكاسِرَةِ [و] القَياصِرَةِ، وإحْلالُ الغَنائِمِ حَتّى كانَ يُعْطِي عَطاءَ مَن لا يَخافُ الفَقْرَ، وشامِلٌ لِما ادَّخَرَهُ لَهُ سُبْحانَهُ وتَعالى في الآخِرَةِ مِنَ المَقامِ المَحْمُودِ والحَوْضِ المَوْرُودِ، والشَّفاعَةِ العُظْمى إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا لا يَدْخُلُ تَحْتَ الحُدُودِ، وقَدْ أفْهَمَتِ العِبارَةُ أنَّ النّاسَ أرْبَعَةُ أقْسامٍ: مُعْطًى راضٍ، ومَمْنُوعٌ غَيْرُ راضٍ، ومُعْطًى (p-١٠٩)غَيْرُ راضٍ، ومَمْنُوعٌ راضٍ، وعَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّها أرْجى آيَةٍ في القُرْآنِ لِأنَّهُ ﷺ لا يَرْضى واحِدًا مِن أُمَّتِهِ في النّارِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب