الباحث القرآني

(p-١٠٠)سُورَةُ الضُّحى مَقْصُودُها الدَّلالَةُ عَلى آخِرِ اللَّيْلِ بِأنَّ أتْقى الأتْقِياءِ الَّذِي هو الأتْقى عَلى الإطْلاقِ في عَيْنِ الرِّضا دائِمًا، لا يَنْفَكُّ عَنْهُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، لِما تَحَلّى بِهِ مِن صِفاتِ الكَمالِ الَّتِي هي الإيصالُ لِلْمَقْصُودِ بِما لَها مِنَ النُّورِ المَعْنَوِيِّ كالضُّحى بِما لَهُ مِنَ النُّورِ الحِسِّيِّ الَّذِي هو أشْرَفُ ما في النَّهارِ وقَدْ عَلِمَ بِهَذا أنَّ اسْمَها أدَلُّ ما فِيها عَلى مَقْصُودِها ”بِسْمِ اللَّهِ“ المُعِزُّ لِمَن أرادَ، الكَرِيمُ البَرُّ الوَدُودُ ذِي الجَلالِ والإكْرامِ ”الرَّحْمَن“ الَّذِي عَمَّنْ بِنِعْمَتِهِ الإيجادُ الخاصُّ والعامُّ ”الرَّحِيم“ الَّذِي أعْلى أهْلَ وِدِّهِ فَخَصَّهم بِإتْمامِ الإنْعامِ. * * * ولَمّا حَكَمَ في آخِرِ اللَّيْلِ بِإسْعادِ الأتْقِياءِ، وكانَ النَّبِيُّ ﷺ أتْقى الخَلْقِ مُطْلَقًا، وكانَ قَدْ قُطِعَ عَنْهُ الوَحْيُ حِينًا ابْتِلاءٌ لِمَن شاءَ مِن عِبادِهِ، وكانَ بِهِ ﷺ صَلاحُ الدِّينِ والدُّنْيا والآخِرَةِ، وكانَ المَلَوانِ سَبَبُ [صَلاحِ] مَعاشِ الخُلُقِ وكَثِيرٌ مِن مَعادِهِمْ، أقْسَمَ سُبْحانَهُ وتَعالى بِهِما عَلى أنَّهُ أسْعَدُ الخَلائِقِ دُنْيا (p-١٠١)وأُخْرى، فَقالَ مُقَدِّمًا ما يُناسِبُ حالَ الأتْقى الَّذِي قَصَدَ بِهِ أبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَصْدًا أوَّلِيًّا مِنَ النُّورِ الَّذِي يَمْلَأُ الأقْطارَ، ويَمْحُو كُلَّ ظَلامٍ يَرُدُّ عَلَيْهِ ويَصِلُ إلَيْهِ، مُفْهِمًا بِما ذَكَرَ مِن وقْتِ الضِّياءِ النّاصِعِ حالَةَ أوَّلِ النَّهارِ وآخِرَ اللَّيْلِ الَّتِي هي ظُلْمَةُ مُلْتَفٍّ بِساقِها ساقَ النَّهارَ عِنْدَ الإسْفارِ: ﴿والضُّحى﴾ فَذَكَرَ ما هو أشْرَفُ النَّهارِ وألْطَفُهُ وهو زَهْرَتُهُ، وأضْوَؤُهُ وهو صَدْرُهُ، وذَلِكَ وقْتُ ارْتِفاعِ الشَّمْسِ لِأنَّ المُقْسِمَ لِأجْلِهِ أشْرَفُ الخَلائِقِ، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ يَبْلُغُ مِنَ الشَّرَفِ ما لا يَبْلُغُهُ أحَدٌ مِنَ الخَلْقِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب