الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ مَعْدِنَ الضِّياءِ، ذَكَرَ مَحَلَّ الظَّلامِ فَقالَ: ﴿واللَّيْلِ﴾ أيِ الَّذِي هو ضِدُّ النَّهارِ فَهو مَحَلُّ السُّكُونِ والِانْقِباضِ والكُمُونِ (p-٧٢)﴿إذا يَغْشاها﴾ أيْ يُغَطِّي الشَّمْسَ فَيَذْهَبُ ضَوْءُها حِينَ تَغِيبُ فَتَمْتَدُّ ظِلالُ الأرْضِ عَلى وجْهِها المُماسِّ لَنا، فَيَأْخُذُ الأُفُقَ الشَّرْقِيَّ في الإظْلامِ، ويَمْتَدُّ ذَلِكَ الظَّلامُ بِحَسِبِ طُولِ اللَّيْلِ وقِصَرِهِ كَما يُغَطِّي البَدَنَ نُورُ العَقْلِ بِواسِطَةِ طَبْعِهِ بِخُبْثِهِ ورَداءَةِ عُنْصُرِهِ، وذَلِكَ كُلُّهُ بِمَقادِيرَ مَعْلُومَةٍ، ومَوازِينَ قِسْطٍ مَحْتُومَةٍ، لَيْسَ فِيها اخْتِلالٌ، ولا يَعْتَرِيها انْحِلالٌ، حَتّى يُرِيدَ ذُو الجَلالِ، ولَمْ يُعَبِّرْ بِالماضِي كَما في النَّهارِ لِأنَّ اللَّيْلَ لا يَذْهَبُ الضِّياءُ بِمَرَّةٍ بَلْ شَيْئًا فَشَيْئًا، ولا يَنْفَكُّ عَنْ نُورٍ بِخِلافِ النَّهارِ، فَإنَّهُ إذا أبْدى الشَّمْسَ ولَمْ يَكُنْ غَيْمٌ ولا كَدَرٌ جَلّى الشَّمْسَ في آنٍ واحِدٍ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ ظَلامٌ بِوَجْهٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب