الباحث القرآني

﴿وقَدْ خابَ﴾ أيْ حَرُمَ مُرادُهُ مِمّا أعَدَّ لِغَيْرِهِ في الدّارِ الآخِرَةِ وخَسِرَ وكانَ سَعْيُهُ باطِلًا ﴿مَن دَسّاها﴾ أيْ أغْواها إغْواءً عَظِيمًا وأفْسَدَها ودَنَّسَ مَحْياها وقَذَرَها وحَقَّرَها وأهْلَكَها بِخَبائِثَ الِاعْتِقادِ ومَساوِئِ الأعْمالِ، وقَبائِحِ النِّيّاتِ والأحْوالِ، وأخْفاها بِالجَهالَةِ والفُسُوقِ، والجَلافَةِ والعُقُوقِ، وأصْلُ ”دَسّى“ دَسَسَ، فالتَّزْكِيَةُ أنْ يَحْرِصَ (p-٧٩)الإنْسانُ عَلى شَمْسِهِ أنْ لا تَكْسِفَ، وقَمَرِهِ أنْ لا يَخْسِفُ، ونَهارِهِ أنْ لا يَتَكَدَّرَ، ولَيْلِهِ ألّا يُطْفى، والتَّدْسِيسُ أقَلُّهُ إهْمالُ الأمْرِ حَتّى تُكْسَفَ شَمْسُهُ، ويُخْسَفَ قَمَرُهُ، ويَتَكَدَّرَ نَهارُهُ، ويَدُومَ لَيْلُهُ، وطُرُقُ ذَلِكَ اعْتِبارُ نَظائِرِ المَذْكُوراتِ مِنَ الرُّوحانِيّاتِ وإعْطاءِ كُلِّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ، فَنَظِيرُ الشَّمْسِ هي النُّبُوَّةُ لِأنَّها كُلَّها ضِياءٌ باهِرٌ وصَفاءٌ قاهِرٌ، وضُحاها الرِّسالَةُ وقَمَرُها الوِلايَةُ، والنَّهارُ هو العِرْفانُ، والَيْلُ عَدَمُ طُمَأْنِينَةِ النَّفْسِ بِذِكْرِ اللَّهِ وما جاءَ مِن عِنْدِهِ، وإعْراضُها عَنِ الِانْقِيادِ لِقَبُولِ ما جاءَ مِنَ النُّبُوَّةِ أوِ الوِلايَةِ، والعُلَماءُ العامِلُونَ هم أوْلِياءُ اللَّهِ، قالَ الإمامانِ أبُو حَنِيفَةَ والشّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: إنْ لَمْ تَكُنِ العُلَماءُ أوْلِياءَ اللَّهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ ولِيٌّ - رَواهُ عَنْهُما الحافِظُ أبُو بَكْرٍ الخَطِيبُ، وهو مَذْكُورٌ في التِّبْيانِ وغَيْرِهِ مِن مُصَنَّفاتِ النَّوَوِيِّ، ونَظِيرُ السَّماءِ العِزَّةُ والتَّرَفُّعُ عَنِ الشَّهَواتِ وعَنْ خُطُواتِ الشَّياطِينِ مِنَ الإنْسِ والجِنِّ، والأرْضُ نَظِيرُها التَّواضُعُ لِحَقِّ اللَّهِ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ فَيَكُونُ بِإخْراجِهِ المَنافِعَ لَهم كالأرْضِ المُخْرِجَةِ لِنَباتِها، والتَّدْسِيَةُ خِلافُ ذَلِكَ، مَن عَمِلَ بِالسُّوءِ فَقَدْ هَضَمَ نَفْسَهُ وحَقَّرَها (p-٨٠)فَأخْفاها كَما أنَّ اللِّئامَ يَنْزِلُونَ بُطُونَ الأوْدِيَةِ ومَقاطِعَها بِحَيْثُ تَخْفى أماكِنُهم عَلى الطّارِقِينَ، والأجْوادُ يَنْزِلُونَ الرَّوابِيَ، ويُوقِدُونَ النِّيرانَ لِلطّارِقِينَ، ويُشْهِرُونَ أماكِنَهم لِلْمُضِيفِينَ مَنازِلَ الأشْرافِ في الأطْرافِ كَما قِيلَ: ؎قَوْمٌ عَلى المُحْتاجِ سَهْلٌ وصْلُهم ∗∗∗ ومَقامُهم وعْرٌ عَلى الفُرْسانِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب