الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الأمْرُ بِالنَّبْذِ مَظِنَّةً لِأنْ يُعْجَبَ مِنهُ، عَجَّبَ فَقالَ: فَمَن يَتَعَجَّبُ مِنهُ؟ وأنْكَرَ عَلَيْهِ فَقالَ: ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ أيْ: أهْلِ العَراقَةِ في الشِّرْكِ الَّذِينَ تُوجِبُ عَراقَتُهم فِيهِ ومَحَبَّتُهم لِظُهُورِهِ نَكْثَ العَهْدِ الَّذِي لا أقْبَحَ مِنهُ عِنْدَ العَرَبِ ولا أشْنَعَ ﴿عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أيِ: المُسْتَجْمِعِ لِصِفاتِ الكَمالِ، فَهو لا يُحِبُّ النَّقْضَ مِن أوْلِيائِهِ فَكَيْفَ بِهِ مِن أعْدائِهِ ﴿وعِنْدَ رَسُولِهِ﴾ أيِ: الَّذِي هو أكْمَلُ الخَلْقِ وأوْفاهم وأحْفَظُهم لِلْعُهُودِ وأرْعاهم فَهم أضْدادُهُ فَأعْمالُهم أضْدادُ أعْمالِهِ، وقَدْ بَدا مِنهُمُ الغَدْرُ. ولَمّا كانَ اسْتِفْهامُ الإنْكارِ في مَعْنى النَّفْيِ صَحَّ الِاسْتِثْناءُ مِنهُ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: لا يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ ﴿إلا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ﴾ أيْ: مِنهم كَما تَقَدَّمَ ﴿عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ أيِ: الحَرَمِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وهَذا مِمّا يَدُلُّ عَلى أنَّ الِاسْتِثْناءَ المُتَقَدِّمَ مِن ﴿الَّذِينَ﴾ في قَوْلِهِ: ﴿بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ إلى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١] (p-٣٨٤)قالَ البَغَوِيُّ؛ قالَ السُّدِّيُّ والكَلْبِيُّ وابْنُ إسْحاقَ: هم مِن قَبائِلِ بَكْرٍ: بَنُو خُزَيْمَةَ وبَنُو مُدْلِجٍ وبَنُو ضَمْرَةَ وبَنُو الدِّيلِ وهُمُ الَّذِينَ كانُوا قَدْ دَخَلُوا في عَهْدِ قُرَيْشٍ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، فَلَمْ يَكُنْ نَقَضَ العَهْدَ إلّا قُرَيْشٌ وبَنُو الدِّيلِ مِن بَنِي بَكْرٍ فَأمَرَ بِإتْمامِ العَهْدِ لِمَن لَمْ يَنْقَضِ، ولَمّا اسْتَثْنى، بَيَّنَ حُكْمَ المُسْتَثْنى فَقالَ: ﴿فَما اسْتَقامُوا لَكُمْ﴾ أيْ: رَكِبُوا الطَّرِيقَ الأقْوَمَ في الوَفاءِ بِعَهْدِهِمْ ﴿فاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ والقَوْلُ في ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ أيِ: المُحِيطَ بِالجَلالِ والجَمالِ ﴿يُحِبُّ المُتَّقِينَ﴾ كَما سَبَقَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب