الباحث القرآني

ولَمّا سَدَّ عَلَيْهِمْ طَرِيقَ مُخالَطَتِهِمْ ما لَمْ يَتَّصِفُوا بِالتَّوْبَةِ المَدْلُولِ عَلَيْها بِالشَّهِيدَيْنِ المَذْكُورَيْنِ سَدًّا مُطْلَقًا، وفَتَحَهُ عِنْدَ الِاتِّصافِ بِها فَتْحًا مُطْلَقًا، عَطَفَ عَلى ذَلِكَ طَرِيقًا آخَرَ وسَطًا مُقَيَّدًا فَقالَ: ﴿وإنْ أحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ أيِ: الَّذِينَ أمَرْناكم بِقِتالِهِمْ ﴿اسْتَجارَكَ﴾ أيْ: طَلَبَ أنْ تُعامِلَهُ في الإكْرامِ مُعامَلَةَ الجارِ بَعْدَ انْقِضاءِ مُدَّةِ السِّياحَةِ ﴿فَأجِرْهُ﴾ أيْ: فَآمِنهُ ودافِعْ عَنْهُ مَن يَقْصِدُهُ بِسُوءٍ ﴿حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ أيِ: المَلِكِ الأعْظَمِ بِسَماعِ التِّلاوَةِ الدّالَّةِ عَلَيْهِ، فَيَعْلَمُ بِذَلِكَ ما يَدْعُو إلَيْهِ مِنَ المَحاسِنِ ويَتَحَقَّقُ أنَّهُ لَيْسَ كَلامَ الخَلْقِ. ولَمّا ذَكَرَ إجارَتَهُ، وكانَ لَهُ بَعْدَها تَوْبَةٌ وإصْرارٌ. وكانَ حالُ التّائِبِ قَدْ ذُكِرَ، بَيَّنَ ما يُفْعَلُ بِهِ إنْ أصَرَّ فَقالَ: ﴿ثُمَّ أبْلِغْهُ﴾ أيْ: إنْ أرادَ الِانْصِرافَ ولَمْ يُسْلِمْ ﴿مَأْمَنَهُ﴾ أيِ المَوْضِعَ الَّذِي يَأْمَنُ فِيهِ ثُمَّ قاتِلْهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ المَأْمَنَ إنْ شِئْتَ مِن غَيْرِ (p-٣٨٣)غَدْرٍ ولا خِيانَةٍ؛ قالَ الحَسَنُ: هي مُحْكَمَةٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ؛ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِما يُبَيِّنُ غَدْرَهم بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ بِأنَّهُمْ﴾ أيِ: الأمْرُ بِالإجارَةِ لِلْغَرَضِ المَذْكُورِ بِسَبَبِ أنَّهم ﴿قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ: لا عِلْمَ لَهُمْ؛ لِأنَّهُ لا عَهْدَ لَهم بِنُبُوَّةٍ ولا رِسالَةٍ ولا كِتابٍ، فَإذا عَلِمُوا أوْشَكَ أنْ يَنْفَعَهُمُ العِلْمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب