الباحث القرآني

ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: ما الفِتْنَةُ الَّتِي سَقَطُوا فِيها فَأحاطَتْ بِهِمْ جَهَنَّمُ بِسَبَبِها؟ قِيلَ: ﴿إنْ﴾ أيْ: هي كَوْنُهم أنْ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عِلَّةً لِإحاطَةِ جَهَنَّمَ بِهِمْ، وكَأنَّهم - لِأجْلِ أنَّهم مِنَ الأوْسِ والخَزْرَجِ فالأنْصارُ أُقارِبُهم - خَصُّوا النَّبِيَّ ﷺ بِالعَداوَةِ وشَدِيدِ الحَنَقِ، وكَذا أيْضًا كانَ لا يَسُوءُهم ويَسُرُّهم مِنَ الحَسَنَةِ والسَّيِّئَةِ إلّا ما لَهُ وقْعٌ - بِما أذِنَ بِهِ التَّعْبِيرُ بِالإصابَةِ دُونَ المَسِّ - لا ما دُونَهُ، حِفْظًا لِقُلُوبِ أقارِبِهِمْ ورَعْيًا لِأسْرارِ نِسائِهِمْ، فَقالَ إشارَةً إلى ذَلِكَ: ﴿تُصِبْكَ﴾ أيْ: بِتَقْدِيرِ اللَّهِ ذَلِكَ ﴿حَسَنَةٌ﴾ أيْ: بِنَصْرٍ أوْ غَيْرِهِ ﴿تَسُؤْهُمْ﴾ أيْ: لِما في قُلُوبِهِمْ مِنَ الضِّغْنِ والمَرَضِ ﴿وإنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ﴾ أيْ: نَكْبَةٌ وإنْ صَغُرَتْ كَما وقَعَ يَوْمَ أُحُدٍ ﴿يَقُولُوا﴾ أيْ: سُرُورًا وتَبَجُّحًا بِحُسْنِ آرائِهِمْ ﴿قَدْ أخَذْنا أمْرَنا﴾ أيْ: عَصَيْنا الَّذِي أمَرَنا ولَمْ نُسْلِمْ قِيادَنا لِأحَدٍ فَنَكُونُ كالأعْمَهِ؛ لِأنَّ الأمْرَ الحادِثَةُ وضِدُّ النَّهْيِ، ومِنهُ الأمِيرُ، رَجُلٌ إمَّرٌ وإمَّرَةٌ - بِتَشْدِيدِ المِيمِ المَفْتُوحَةِ مَعَ كَسْرِ الهَمْزَةِ وتُفْتَحُ: ضَعْفُ الرَّأْيِ، يُوافِقُ كُلَّ أحَدٍ عَلى ما يُرِيدُ مِن أمْرِهِ كُلِّهِ، وهو الأعْمَهُ (p-٤٩٦)وزْنًا ومَعْنًى ﴿مِن قَبْلُ﴾ أيْ: قَبْلَ أنْ تَكُونَ هَذِهِ المُصِيبَةُ، فَلَمْ نَكُنْ مُؤْتَمِرِينَ بِأمْرٍ فَيُصِيبُنا فَلَمْ يَكُنْ ما أصابَ مَن تَبِعَهُ، فَكانَ أمْرُهم - لَوْ كانُوا مُطِيعِينَ - كانَ شَيْئًا مُتَحَقِّقًا بِيَدِ الآمِرِ، فَلَمّا عَصَوْهُ كانُوا كَأنَّهم قَدْ أخَذُوهُ مِنهُ. ولَمّا كانَ قَوْلُهم هَذا بَعِيدًا عَنِ الِاسْتِقامَةِ، فَكانَ جَدِيرًا بِأنْ لا يُقالَ، وإنْ قِيلَ كانَ حَقِيقًا بِأنْ يُسْتَقالَ بِالمُباراةِ إلى الرُّجُوعِ عَنْهُ والِاسْتِغْفارِ مِنهُ، أشارَ تَعالى إلى تَمادِيهِمْ فِيهِ فَقالَ: ﴿ويَتَوَلَّوْا﴾ أيْ: عَنْ مَقامِهِمْ هَذا الَّذِي قالُوا فِيهِ ذَلِكَ وإنْ طالَ إلى أهالِيهِمْ ﴿وهم فَرِحُونَ﴾ أيْ: لِمُصِيبَتِكم لِكُفْرِهِمْ ولِخَلاصِهِمْ مِنها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب