الباحث القرآني

ولَمّا بَيَّنَ سُبْحانَهُ الصّالِحَ لِذَلِكَ مِن غَيْرِهِ، أنْكَرَ عَلى مَن لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصِّنْفَيْنِ فَقالَ: ﴿أجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الحاجِّ﴾ أيْ: مُجَرَّدَةً عَنِ الإيمانِ ﴿وعِمارَةَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ أيْ: كَذَلِكَ كالإيمانِ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ والجِهادِ، وأهْلُ السِّقايَةِ والعِمارَةِ مِن غَيْرِ إيمانٍ في مُوالاتِهِمْ والكَفِّ عَنْ مُعاداتِهِمْ ﴿كَمَن آمَنَ بِاللَّهِ﴾ أيِ: الحامِلُ اعْتِقادُ كَمالِهِ عَلى كُلِّ كَمالٍ ﴿واليَوْمِ الآخِرِ﴾ أيِ: الحاثُّ خَوْفُهُ عَلى كُلِّ خَيْرٍ ﴿وجاهَدَ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أيِ: المَلِكِ الأعْلى المُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ، فالآيَةُ عَلى قِراءَةِ الجَماعَةِ مِنَ الِاحْتِباكِ: حَذَفَ أوَّلًا المُشَبَّهَ بِهِ لِدَلالَةِ المُشَبَّهِ عَلَيْهِ وثانِيًا المُشَبَّهَ لِدَلالَةِ المُشَبَّهِ بِهِ عَلَيْهِ، وأمّا عَلى رِوايَةِ نَسِيِّ بْنِ ورْدانَ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ شاذًّا: ”سُقاةَ وعَمَرَةَ“ - بِالجَمْعِ فَلا يَحْتاجُ إلى تَقْدِيرٍ. ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: كُنّا نَظُنُّ ذَلِكَ فَما حالُهُمْ؟ قالَ: ﴿لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الكَمالُ كُلُّهُ لِأنَّ المُشْرِكِينَ ظَلَمُوا بِتَرْكِ الإيمانِ ﴿واللَّهُ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ ولا أمْرَ لِأحَدٍ مَعَهُ ﴿لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ (p-٤١٧)أيِ: الَّذِينَ وضَعُوا الأشْياءَ في غَيْرِ مَواضِعِها، والكُفْرُ أعْظَمُ الظُّلْمِ، فَلا تُوجِبُوا لَهُمُ الهِدايَةَ ولا المُساواةَ بِالمُهْتَدِينَ وإنْ باشَرُوا جَمِيعَ أفْعالِ المُهْتَدِينَ ما عَدا الإيمانَ، ومَن فَعَلَ ذَلِكَ مِنكم كانَ ظالِمًا وخِيفَ عَلَيْهِ سَلْبُ مُوجِبِ الهِدايَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب