الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الشِّفاءُ قَدْ لا يُرادُ بِهِ الكَمالُ، أتْبَعَهُ تَحْقِيقًا لِكَمالِهِ قَوْلَهُ: ﴿ويُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ أيْ: يُثْبِتْ بِها مِنَ اللَّذَّةِ ضِدَّ ما لَقَوْهُ مِنهم مَنِ المَكْرُوهِ، ويَنْفِي عَنْها مِنَ الألَمِ بِفِعْلِ مَن يُرِيدُ سُبْحانَهُ مِن أعْدائِهِمْ وذُلِّ الباقِينَ ما كانَ قَدْ بَرَّحَ بِها، ولَقَدْ وفى سُبْحانَهُ بِما وعَدَ بِهِ، فَكانَتِ الآيَةُ مِن ظَواهِرِ الدَّلائِلِ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: قاتِلُوهم فَإنَّكم إنْ قاتَلْتُمُوهم كانَ كَذا، عَطَفَ سُبْحانَهُ عَلى أصْلِ هَذِهِ الجُمْلَةِ قَوْلَهُ: ﴿ويَتُوبُ اللَّهُ﴾ أيِ: المَلِكُ الَّذِي لَهُ صِفاتُ الكَمالِ ﴿عَلى مَن يَشاءُ﴾ أيْ: مِنهم فَيَصِيرُوا إخْوانًا لَكم أوْلِياءَ، والمَعْنى: قاتِلُوهم يَكُنِ القِتالُ سَبَبًا لِهَذِهِ الخَمْسَةِ الأشْياءِ، وأمّا التَّوْبَةُ فَتارَةً (p-٣٩٨)تُسَبَّبُ عَنْهُ وتارَةً عَنْ غَيْرِهِ، ولِأجْلِ احْتِمالِ تَسَبُّبِها عَنْهُ قُرِئَ شاذًّا بِالنَّصْبِ عَلى أنَّ الواوَ لِلصَّرْفِ؛ ولَمّا كانَ ما تَضَمَّنَهُ هَذا الوَعْدُ الصّادِقُ يَدُورُ عَلى القُدْرَةِ والعِلْمِ، وكانَ العِلْمُ يَسْتَلْزِمُ القُدْرَةَ، فَكانَ التَّقْدِيرُ: فاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿واللَّهُ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وقُدْرَةً ﴿عَلِيمٌ﴾ أيْ: بِكُلِّ شَيْءٍ وبِمَن يَصْلُحُ لِلتَّوْبَةِ ومَن لا يَصْلُحُ وما في قُلُوبِكم مِنَ الإقْدامِ والإحْجامِ لَوْ بَرَزَ إلى الخارِجِ كَيْفَ كانَ يَكُونُ ﴿حَكِيمٌ﴾ أيْ: أحْكَمَ جَمِيعَ أُمُورِهِ، ولَمْ يُعَلِّقِ الأحْكامَ الشَّرْعِيَّةَ مِن أفْعالِكُمُ الكَسْبِيَّةِ إلّا بِما تَعَلَّقَ العِلْمُ بِهِ في حالِ ظُهُورِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب