الباحث القرآني

ولَمّا كانَ ما تَقَدَّمَ غَيْرَ قاطِعٍ في إخْرابِهِ لِما ثَبَتَ لِلْمَساجِدِ مِنَ الحُرْمَةِ، اسْتَأْنَفَ الإخْبارَ عَنْ أنَّهُ لا يُعَدُّ في عِدادِ المَساجِدِ بِوَجْهٍ، وإنَّما هو في عِدادِ بُيُوتِ الأصْنامِ فَهو واجِبُ الإعْدامِ فَقالَ: ﴿لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ﴾ (p-٢٢)أيْ نَفْسُ المَبْنى وهو المَسْجِدُ ﴿الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً﴾ أيْ شَكًّا ونِفاقًا ﴿فِي قُلُوبِهِمْ﴾ كَمًّا أنَّ بُيُوتَ الأصْنامِ كَذَلِكَ لِأهْلِها، فَكانَ ذَلِكَ حَثًّا عَلى إخْرابِهِ ومَحْوِهِ وقَطْعِ أثَرِهِ. والمَعْنى أنَّهُ جامِعٌ لَهم عَلى الرِّيبَةِ في كُلِّ زَمانٍ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ ﴿إلا أنْ﴾ ولَمّا كانَ القَطْعُ مُحَصِّلًا لِلْمَقْصُودِ مِن غَيْرِ نَظَرٍ إلى قاطِعٍ مُعَيَّنٍ، قالَ بانِيًا لِلْمَفْعُولِ: ﴿تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ أيْ: إلّا زَمانٌ يُوجَدُ فِيهِ القَطْعُ البَلِيغُ الكَثِيرُ لِقُلُوبِهِمْ وعَزائِمِهِمْ ويُباعِدُ بَيْنَهم ويُفَرِّقُ شَمْلَهم بِإخْراجِهِ، وقِراءَةُ يَعْقُوبَ: بِ ”إلى“ الجارَّةِ واضِحَةٌ في المُرادِ، أوْ يَكُونُ المُرادُ أنَّهُ لا يَزالُ حامِلًا لَهم عَلى التَّصْمِيمِ عَلى النِّفاقِ إلى أنْ يَمُوتُوا، فَهو كِنايَةٌ عَنْ عَدَمِ تَوْبَتِهِمْ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فاللَّهُ عَلِيمٌ بِما أخْبَرَكم بِهِ فَلا تَشُكُّوا فِيهِ، عَطْفٌ عَلَيْهِ تَعْمِيمًا لِلْحُكْمِ وتَعْظِيمًا لِلْأمْرِ. قَوْلُهُ: ﴿واللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ ﴿عَلِيمٌ﴾ أيْ بالِغُ العِلْمِ بِكُلِّ مَعْلُومٍ ﴿حَكِيمٌ﴾ فَهو يُتْقِنُ ما يَأْمُرُ بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب