الباحث القرآني

(p-١١)ولَمّا لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الأكْلِ والشُّرْبِ إلّا الِاتِّكاءُ، قالَ مُفْهِمًا أنَّهم مَلُوكٌ: ﴿فِيها﴾ مُعِيدًا الخَبَرَ قَطْعًا لِلْكَلامِ عَنِ الأوَّلِ تَنْبِيهًا عَلى شَرَفِ العَيْنِ لِأنَّ الماءَ مِمّا لا حَياةَ بِدُونِهِ ﴿سُرُرٌ﴾ أيْ زائِدَةُ الحَدِّ في الكَثْرَةِ، جَمْعُ سَرِيرٍ وهو مُقْعَدٌ عالٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ المَلِكُ يَنْقُلُ إلى المَوْضِعِ الَّذِي يَشْتَهِيهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأنَّهُ يُسْرُ النَّفْسِ، والمادَّةُ كُلُّها لِلسُّرُورِ والطِّيبِ والكَرْمِ، ولِذَلِكَ يُطْلَقُ عَلى المُلْكِ والنِّعْمَةِ وخَفْضِ العَيْشِ ﴿مَرْفُوعَةٌ﴾ أيْ رَفَعَها رافِعٌ عَظِيمٌ [فِي السَّمَكِ] وهو جِهَةُ العُلُوِّ لِيَرى الجالِسُ عَلَيْها جَمِيعَ مُلْكِهِ وما نَعِمَ بِهِ وما شاءَ اللَّهُ مِن غَيْرِهِ وفي القَدْرِ، لا كَما تَعْهَدُونَهُ في الدُّنْيا، بَلِ ارْتِفاعُها نَمَطٌ جَلِيلٌ مِن مِقْدارِ عَظَمَةِ رافِعِها الَّذِي رَفَعَ السَّماءَ، فالتَّنْكِيرُ لِلتَّعْظِيمِ، وبَنى الِاسْمَ لِلْمَفْعُولِ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِن ذاتِها إلّا الِانْخِفاضُ، وأمّا ارْتِفاعُها فَبِقَسْرِ القادِرِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ، وهَذا يَدُلُّ [عَلى أنَّها] كَسَماءٍ لا عَمَدَ لَها، قالَ البَغَوِيُّ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: ألْواحُها مِن ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٌ بِالزَّبَرْجَدِ والدُّرِّ والياقُوتِ مُرْتَفِعَةٌ ما لَمْ يَجِئْ أهْلُها، فَإذا أرادَ أنْ يَجْلِسَ عَلَيْها [تَواضَعَتْ لَهُ حَتّى يَجْلِسَ عَلَيْها] - ثُمَّ تَرْتَفِعُ إلى مَواضِعِها - انْتَهى. وذَلِكَ بِما كانُوا يَتَواضَعُونَ ويُباشِرُونَ [مِن] مَشاقِّ العِباداتِ عَلى التُّرابِ ورِثَ الأثْوابَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب