الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: لِأنَّهُ لا بُدَّ لَهُ مِنَ العَرْضِ عَلى الخالِقِ سُبْحانَهُ وتَعالى لِأنَّ التَّوْكِيلَ بِالإنْسانِ لا يَكُونُ إلّا لِعَرْضِهِ عَلى المَلِكِ الدَّيّانِ صاحِبِ الأمْرِ والبُرْهانِ ومُحاسَبَتِهِ لَهُ عَلى ما كانَ، كانَ التَّقْدِيرُ: يَحْفَظُ أعْمالَها (p-٣٧٧)ويَكْتُبُها لِيُحاسِبَها المَلِكُ عَلى ذَلِكَ، فَتَسَبَّبَ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ﴾ أيْ بِالبَصِيرَةِ ﴿الإنْسانُ﴾ أيِ الآنِسُ بِنَفَسِهِ النّاظِرُ في عَطْفِهِ إنْ كانَ يَسْلُكُ في ذَلِكَ ﴿مِمَّ﴾ أيْ مِن أيِّ شَيْءٍ، وبَنى لِلْمَفْعُولِ العامِلَ في [مَن - ] أمْرٌ بِالنَّظَرِ وهو قَوْلُهُ: ﴿خُلِقَ﴾ إعْلامًا بِأنَّ الدّالَّ هو مُطْلَقُ الخَلْقِ، وتَنْبِيهًا عَلى تَعْظِيمِ الفاعِلِ بِأنَّ العِلْمَ بِهِ غَيْرُ مُحْتاجٍ إلى ذِكْرِهِ بِاللَّفْظِ لِأنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلى صَنْعَةٍ مِن صَنائِعِهِ غَيْرُهُ، وأمَرَ الإنْسانَ بِهَذا النَّظَرِ لِيَعْلَمَ بِأمْرِ مَبْدَئِهِ أمْرَ مَعادِهِ، فَإنَّ مِن قَدَرَ عَلى الِابْتِداءِ قَدَرَ عَلى الإعادَةِ قَطْعًا، فَإذا صَحَّ عِنْدَهُ ذَلِكَ اجْتَهَدَ في أنْ لا يُمْلِي عَلى حافِظِيهِ إلّا ما يُرْضِي اللَّهَ تَعالى يَوْمَ عَرْضِهِ عَلى المَلِكِ الدَّيّانِ لِيُسْرِهِ وقْتَ حِسابِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب