الباحث القرآني

ولَمّا أنْهى سُبْحانَهُ ما أرادَ مِن تَعْظِيمِ ذَلِكَ [اليَوْمِ - ] والتَّعْجِيبِ مِمَّنْ لَمْ يُفِدْهُ بَراهِينَهُ أنْ يُجَوِّزَهُ والإنْكارَ عَلَيْهِ، وكانَ مَعَ ما فِيهِ مِنَ التَّقْرِيعِ مُفْهِمًا لِلتَّقْرِيرِ، نَفى بِأداةِ الرَّدْعِ لِلْمُبالَغَةِ في النَّفْيِ مَضْمُونَ ما وقَعَ الِاسْتِفْهامُ عَنْهُ فَقالَ: ﴿كَلا﴾ أيْ لا يَظُنُّ أُولَئِكَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ لِكَثافَةِ طِباعِهِمْ ووُقُوفِهِمْ مَعَ المَحْسُوسِ دَأبَ البَهائِمُ بَلْ لا يُجَوِّزُونَهُ، ولَوْ جَوَّزُوهُ لَما وقَعُوا في ظُلْمِ أحَدٍ مَن يَسْألُونَ عَنْهُ في ذَلِكَ اليَوْمِ المَهُولِ، وما أوْجَبَ لَهُمُ الوُقُوعَ في الجَرائِمِ إلّا الإعْراضُ عَنْهُ، وقالَ (p-٣١٨)الحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى: هي بِمَعْنى حَقًّا مُتَّصِلَةً بِما بَعْدَها - انْتَهى. وهي مَعَ ذَلِكَ مُفْهِمَةٌ لِلرَّدْعِ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ رَدْعٌ عَنِ اعْتِقادِ مِثْلِ ذَلِكَ والمُوافَقَةِ لِشَيْءٍ مِمّا يُوجِبُ الخِزْيَ فِيهِ. ولَمّا أخْبَرَ عَنْ إنْكارِهِمُ، اسْتَأْنَفَ إثْباتَ ما أنْكَرُوهُ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ وأفْظَعِهِ مُهَوِّلًا لِما يَقَعُ لَهم مِنَ الشُّرُورِ وفَواتِ السُّرُورِ، مُؤَكِّدًا لِأجْلِ إنْكارِهِمْ فَقالَ: ﴿إنَّ كِتابَ﴾ وأظْهَرَ مَوْضِعَ الإضْمارِ تَعْمِيمًا وتَعْلِيقًا لِلْحُكْمِ بِالوَصْفِ فَقالَ: ﴿الفُجّارِ﴾ أيْ صَحِيفَةَ حِسابِ هَؤُلاءِ الَّذِينَ حَمَلَهم عَلى كُفْرِهِمْ مُرُوقِهِمْ وكَذا كُلُّ مَن وافَقَهم في صِفاتِهِمْ فَكانَ في غايَةِ المُرُوقِ مِمّا حَقَّ مُلابَسَتَهُ ومُلازَمَتَهُ، وأبْلَغَ في التَّأْكِيدِ فَقالَ: ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ هو عِلْمٌ مَنقُولٌ في صِيغَةِ المُبالَغَةِ عَنْ وصْفِ [مِنَ - ] السِّجْنِ وهو الحَبْسُ لِأنَّهُ سَبَبُ الحَبْسِ في جَهَنَّمَ أيْ إنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أهْلِيَّةِ الصُّعُودِ إلى مَحَلِّ الأقْداسِ إشارَةٌ إلى أنَّ كِتابَهم إذا كانَ في سِجْنٍ عَظِيمٍ أيْ ضَيِّقٍ شَدِيدٍ كانُوا هم [فِي - ] أعْظَمَ، قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وهي (p-٣١٩)الأرْضُ السّابِعَةُ - انْتَهى [وهُوَ يَفْهَمُ -] مَعَ هَذِهِ الحَقِيقَةِ أنَّهم في غايَةِ الخَسارَةِ لِأنَّهُ يُقالُ لِكُلِّ مَنِ انْحَطَّ: صارَ تُرابًا ولَصِقَ بِالأرْضِ - ونَحْوُ ذَلِكَ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب