الباحث القرآني

﴿الَّذِينَ إذا اكْتالُوا﴾ أيْ عالَجُوا الكَيْلَ أوِ الوَزْنَ فاتَّزَنُوا - بِما دَلَّ عَلَيْهِ ما يَأْتِي، وعَبَّرَ بِأداةِ الِاسْتِعْلاءِ لِيَكُونَ المَعْنى: مُسْتَعْلِينَ أوْ مُتَحامِلِينَ ﴿عَلى النّاسِ﴾ أيْ خاصَّةً بِمُشاهَدَتِهِمْ كائِنِينَ مَن كانُوا [لا - ] يَخافُونَ شَيْئًا ولا يُراعُونَ أحَدًا، بَلْ صارَتِ الخِيانَةُ والوَقاحَةُ (p-٣١٣)لَهم دَيْدَنًا، وهَذا الفِعْلُ يَتَعَدّى بِمِن وعَلى، يُقالُ: اكْتالَ مِنَ الرَّجُلِ وعَلَيْهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ اخْتِيارُ التَّعْبِيرِ بِعَلى هُنا مَعَ ما تَقَدَّمَ لِلْإشارَةِ إلى أنَّهم إذا كانَ لَهم نَوْعُ عُلُوٍّ بِأنْ كانَ المُكْتالُ مِنهُ ضَعِيفًا خانُوهُ فَيَكُونُ أمْرُهم دائِرًا عَلى الرَّذالَةِ وسُفُولِ الهِمَّةِ الَّتِي لا أسْفَلَ مِنها ﴿يَسْتَوْفُونَ﴾ أيْ يُوجِدُونَ لِأنْفُسِهِمُ الوَفاءَ وهو تَمامُ الكَيْلِ بِغايَةِ الرَّغْبَةِ والمُبالَغَةِ في المَلْءِ، فَكَأنَّهُ ذَكَرَ ”اكْتالُوا“ ولَمْ يَذْكُرِ ”اتَّزِنُوا“ لِأنَّهُ لا يَتَأتّى [فِي - ] الوَزْنِ مِنَ المُعالَجَةِ ما يَتَأتّى في الكَيْلِ، ولِأنَّهم يَتَمَكَّنُونَ في الِاكْتِيالِ مِنَ المُبالَغَةِ في اسْتِيفاءِ المُؤَدِّي إلى الزِّيادَةِ ما لا يَتَمَكَّنُونَ مِن مِثْلِهِ في الِاتِّزانِ، وهَذا بِخِلافِ الإخْسارِ فَإنَّ التَّمَكُّنَ بِسَبَبِهِ حاصِلٌ في المَوْضِعَيْنِ فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُما فِيهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب