الباحث القرآني
(p-٣١٠)سُورَةُ التَّطْفِيفِ
مَقْصُودُها شَرْحُ آخَرِ الِانْفِطارِ بِأنَّهُ لا بُدَّ مِن دَيْنُونَةِ العِبادِ يَوْمَ التَّنادِ بِإسْكانِ الأوْلِياءِ أهْلِ الرَّشادِ دارَ النَّعِيمِ، والأشْقِياءِ أهْلِ الضَّلالِ والعِنادِ دارَ الجَحِيمِ، ودَلَّ عَلى ذَلِكَ بِأنَّهُ مُرَبِّيهِمْ والمُحْسِنُ إلَيْهِمْ بِعُمُومِ النِّعْمَةِ، ولا يَتَخَيَّلُ عاقِلٌ أنَّ أحَدًا يُرَبِّي أحَدًا مِن غَيْرِ سُؤالٍ عَمّا حَمَلَهُ إيّاهُ وكَلَّفَهُ بِهِ ولا أنَّهُ لا يُنْصِفُ بَعْضَ مَن يُرَبِّيهِمْ مِن بَعْضٍ، واسْمُها التَّطْفِيفُ أدَلُّ ما فِيها عَلى ذَلِكَ ( بِسْمِ اللَّهِ ) الَّذِي لَهُ الحِكْمَةُ البالِغَةُ والقُدْرَةُ الكامِلَةُ ( الرَّحْمَنِ ) الَّذِي عَمَّ بِنِعْمَةِ الإيجادِ والبَيانِ الشّامِلَةِ ( الرَّحِيمِ ) الَّذِي أكْرَمَ حِزْبَهُ بِالتَّوْفِيقِ لِحُسْنِ المُعامَلَةِ.
* * *
لَمّا خَتَمَ الِانْفِطارَ بِانْقِطاعِ الأسْبابِ وانْحِسامِ الأنْسابِ [ يَوْمَ الحِسابِ- ]، وأبْلَغَ في التَّهْدِيدِ بِيَوْمِ الدِّينِ وأنَّهُ لا أمْرَ لِأحَدٍ مَعَهُ، (p-٣١١)وذَكَرَ الأشْقِياءَ والسُّعَداءَ، وكانَ أعْظَمَ ما يَدُورُ بَيْنَ العِبادِ المَقادِيرُ، وكانَتِ المَعْصِيَةُ بِالبَخْسِ فِيها مِن أخَسِّ المَعاصِي وأدْناها، حَذَّرَ مِنَ الخِيانَةِ فِيها وذَكَّرَ ما أعَدَّ لِأهْلِها وجَمَعَ إلَيْهِمْ كُلَّ مَنِ اتَّصَفَ بِوَصْفِهِمْ فَحِلْمُهُ وصَفَهُ عَلى نَوْعٍ مِنَ المَعاصِي، كُلُّ ذَلِكَ تَنْبِيهًا لِلْأشْقِياءِ الغافِلِينَ عَلى ما هم فِيهِ مِنَ السُّمُومِ المُمْرِضَةِ المُهْلِكَةِ، ونَبَّهَ عَلى الشِّفاءِ لِمَن أرادَهُ [فَقالَ- ]: ﴿ويْلٌ﴾ أيْ هَلاكٌ ثابِتٌ عَظِيمٌ في كُلِّ حالٍ مِن أحْوالِ الدُّنْيا والآخِرَةِ ﴿لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ أيِ الَّذِينَ يَنْقُصُونَ المِكْيالَ والمِيزانَ ويَبْخَسُونَ حُقُوقَ النّاسِ، وفي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ أصْلَ الآفاتِ الخُلُقُ السَّيِّئُ وهو حُبٌّ الدُّنْيا المُوقِعُ في جَمْعِ الأمْوالِ مِن غَيْرِ وجْهِها ولَوْ بِأخَسِّ الوُجُوهِ: التَّطْفِيفُ الَّذِي لا يَرْضاهُ ذُو مُرُوءَةٍ وهم مَن يُقارِبُونَ مِلْءَ الكَيْلِ وعَدْلَ الوَزْنِ ولا يَمْلُئُونَ ولا يَعْدِلُونَ، وكَأنَّهُ مِنَ الإزالَةِ أيْ أزالَ ما أشْرَفَ مِن أعْلى الكَيْلِ، مَنِ ألْطَفٍ، وهو ما أشْرَفَ مِن أرْضِ العَرَبِ عَلى رِيفِ العِراقِ، ومِنهُ ما في حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما قالَ: كُنْتُ فارِسًا فَسَبَقْتُ النّاسَ حَتّى طَفَتْ لِيَ الفَرَسُ مَسْجِدَ بَنِي زُرَيْقٍ - يَعْنِي أنَّ الفَرَسَ وثَبَ حَتّى كادَ يُساوِي المَسْجِدَ، ويُقالُ: طَفَّ الرَّجُلُ الحائِطَ - (p-٣١٢)إذا عَلاهُ، أوْ مِنَ القُرْبِ، مِن قَوْلِهِمْ: أخَذْتُ مِن مَتاعِي ما خَفَّ وطَفَّ، أيْ قَرُبَ مِنِّي، وكُلُّ شَيْءٍ أدْنَيْتُهُ مِن شَيْءٍ فَقَدْ أطَفَفْتُهُ، والطَّفافُ مِنَ الإناءِ وغَيْرِهِ: ما قارَبَ أنْ يَمْلَأهُ، ولا يُتِمَّ مَلْأهُ، وفي الحَدِيثِ: «كُلُّكم بَنُو آدَمَ طَفُّ الصّاعِ»، أوْ مِنَ الطَّفَفِ وهو التَّقْتِيرُ، يُقالُ: طَفَّفَ عَلَيْهِ تَطْفِيفًا - إذا قَتَرَ عَلَيْهِ، أوْ مِنَ الطَّفِيفِ وهو مِنَ الأشْياءِ الخَسِيسِ الدُّونِ والقَلِيلِ، فَكَأنَّ التَّضْعِيفَ لِلْإزالَةِ عَلى المَعْنى الأوَّلِ كَما مَضى، ولِلْمُقارَبَةِ الكَثِيرَةِ عَلى المَعْنى الثّانِي أيْ أنَّهُ يُقارُّ مَلْءَ المِكْيالِ مُقارَبَةً كَبِيرَةً مَكْرًا وخِداعًا حَتّى يَظُنَّ صاحِبُ الحَقِّ [أنَّهُ - ] وفّى ولا يُوَفِّي، يُقالُ: أطَفَّ فُلانٌ لِفُلانٍ - إذا أرادَ خَتْلَهُ، وإذا نَهى عَنْ هَذا فَقَدَ نَهى عَمّا نَقَصَ أكْثَرَ بِمَفْهُومِ المُوافَقَةِ، وعَلى المَعْنى الثّالِثِ بِمَعْنى التَّقْتِيرِ والمُشاحَحَةِ في الكَيْلِ، وعَلى المَعْنى الرّابِعِ بِمَعْنى التَّنْقِيصِ والتَّقْلِيلِ فِيهِ، وكَأنَّهُ اخْتِيرَ هَذا اللَّفْظُ لِأنَّهُ لا يَكادُ يَسْرِقُ في المِيزانِ والمِكْيالِ [ إلّا الشَّيْءُ - ] اليَسِيرُ جِدًّا، هَذا أصْلُهُ في اللُّغَةِ وقَدْ فَسَّرَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى فَقالَ:
{"ayah":"وَیۡلࣱ لِّلۡمُطَفِّفِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











