الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَإنْ صَدَّقُوكَ وقَبِلُوا - بُشْرى اللَّهِ، وفّى لَهُمْ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وإنْ يُرِيدُوا﴾ أيِ: الأسْرى والكُفّارُ كُلُّهم أوْ واحِدٌ مِنهم كَأبِي عَزَّةَ ﴿خِيانَتَكَ﴾ أيْ: وأنْتَ أعْلى الخَلْقِ في عَهْدٍ مِن إسْلامٍ أوْ غَيْرِهِ يُوثِقُونَهُ لَكَ تَرْضى بِهِ في المَنِّ عَلى أحَدٍ مِنهُمْ، بِغَيْرِ فِداءٍ، يَرُدُّ اللَّهُ أنْ يَكُونَ وبالُ ذَلِكَ راجِعًا إلَيْهِمْ فَيُمْكِنُ مِنهُمْ، فَلا تَخْشَ مِن أمْرِهِمْ ﴿فَقَدْ خانُوا اللَّهَ﴾ أيِ: المَلِكَ الأعْظَمَ؛ ولَمّا كانَتْ خِيانَتُهم غَيْرَ مُسْتَغْرِقَةٍ لِلزَّمَنِ، أدْخَلَ الجارَّ فَقالَ: ﴿مِن قَبْلُ﴾ أيْ: مِن قَبْلِ هَذا الوَقْتِ بِالكُفْرِ وغَيْرِهِ مِن أنْواعِ الفِسْقِ ﴿فَأمْكَنَ﴾ أيْ: فَأوْجَدَ الإمْكانَ مِنهُمْ، وقَصَرَهُ لِيَدُلَّ عَلى أنَّهم صارُوا سِلْمًا لِكُلِّ أحَدٍ ﴿مِنهُمْ﴾ أيْ: يَوْمَ بَدْرٍ بِسَبَبِ خِيانَتِهِمْ، فَمَثَّلَ ما أمْكَنَ مِنهم عِنْدَ وُقُوعِ الخِيانَةِ سَيُمَكِّنُكَ مِنهم إذا أرادُوا الخِيانَةَ؛ فَإنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ ﴿واللَّهُ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ ﴿عَلِيمٌ﴾ أيْ: بالِغُ العِلْمِ مُطْلَقًا فَهو يَعْلَمُ الأشْياءَ كُلَّها (p-٣٣٦)الَّتِي مِنها أحْوالُهم ﴿حَكِيمٌ﴾ أيْ: بالِغُ الحِكْمَةِ فَهو يَتَيَقَّنُ كُلَّ ما يُرِيدُهُ فَهو يُوهِنُ كَيْدَهم ويُتْقِنُ ما يُقابِلُهم بِهِ فَيَلْحَقُهم لا مَحالَةَ، «وكَذا فَعَلَ سُبْحانَهُ في أبِي عَزَّةَ الجُمَحِيِّ؛ فَإنَّهُ سَألَ النَّبِيَّ ﷺ في المَنِّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِفَقْرِهِ وعِيالِهِ وعاهَدَهُ عَلى أنْ لا يُظاهِرَ عَلَيْهِ أحَدًا ومَدَحَهُ ثُمَّ خانَ فَظَهَرَ بِهِ في غَزْوَةِ حَمْراءِ الأسَدِ عَقِبَ يَوْمِ أُحُدٍ أسِيرًا، فاعْتَذَرَ لَهُ وسَألَهُ في العَفْوِ عَنْهُ فَقالَ: ألّا تَمْسَحَ عارِضَيْكَ بِمَكَّةَ وتَقُولَ: سَخِرْتُ بِمُحَمَّدٍ مَرَّتَيْنِ، لا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِن جُحْرٍ واحِدٍ مَرَّتَيْنِ، وأمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ،» وقالَ أبُو حَيّانَ في الخِيانَةِ: هي كَوْنُهم أظْهَرَ بَعْضُهُمُ الإسْلامَ ثُمَّ رَجَعُوا إلى دِينِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب