الباحث القرآني
ثُمَّ كَرَّرَ قَوْلَهُ: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ أيْ: فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ؛ فَإنَّهم أتْباعُهُ فَلا يُخَيَّلُ أنَّهم يَفْعَلُونَ شَيْئًا إلّا وهو قائِدُهم فِيهِ ﴿والَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ لِدَقِيقَةٍ؛ وهي أنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أنَّهُ [ما] مِن أُمَّةٍ إلّا ابْتُلِيَتْ بِالضَّرّاءِ والسَّرّاءِ، فالأُولى يَنْظُرُ إلَيْها مَقامُ الإلَهِيَّةِ النّاظِرُ إلى العَظَمَةِ والكِبْرِياءِ والقَهْرِ والِانْتِقامِ، والثّانِيَةُ ثَمَرَةُ مَقامِ الرُّبُوبِيَّةِ النّاشِئِ عَنْهُ التَّوَدُّدُ والرَّحْمَةُ والرَّأفَةُ والإكْرامُ؛ لِذا عَبَّرَ في الأُولى بِاسْمِ الذّاتِ الجامِعِ لِجَمِيعِ الصِّفاتِ الَّذِي لَفْظُهُ - عِنْدَ مَن يَقُولُ بِاشْتِقاقِهِ - مَوْضُوعٌ لِمَعْنى الإلَهِيَّةِ إشارَةً إلى أنَّهم أعْرَضُوا في حالِ الضَّرّاءِ عَنِ التَّصْدِيقِ وعامَلُوا بِالتَّجَلُّدِ والإصْرارِ، ولِذا عَبَّرَ في هَذِهِ الثّانِيَةِ بِاسْمِ الرَّبِّ فَقالَ: ﴿كَذَّبُوا﴾ أيْ: (p-٣٠٧)عِنادًا زِيادَةً عَلى تَغْطِيَةِ ما دَلَّ عَلَيْهِ العَقْلُ بِالتَّكْذِيبِ بِالنَّقْلِ،
﴿بِآياتِ رَبِّهِمْ﴾ فَأشارَ بِذَلِكَ إلى بَطَرِهِمْ بِالنِّعَمِ وتَكْذِيبِهِمْ أنَّها بِسَبَبِ دُعاءِ الرُّسُلِ.
ولَمّا أشارَ بِالتَّعْبِيرِ بِهِ إلى أنَّهُ غَرَّهم مُعامَلَتُهُ بِالعَطْفِ والإحْسانِ، قالَ: ﴿فَأهْلَكْناهُمْ﴾ أيْ: جَمِيعًا،
﴿بِذُنُوبِهِمْ وأغْرَقْنا﴾ فَأتى بِنُونِ العَظَمَةِ إشارَةً إلى أنَّهُ أتاهم بِما أنْساهم ذَلِكَ البَرَّ،
﴿آلِ فِرْعَوْنَ﴾ وإشارَةً إلى أنَّهم نَسُوا أنَّ الرَّبَّ كَما أنَّهُ يَتَّصِفُ بِالرَّحْمَةِ فَلا بُدَّ أنْ يَتَّصِفَ بِالعَظَمَةِ والنِّقْمَةِ وإلّا لَمْ تَتِمَّ رُبُوبِيَّتُهُ، وهَذا واضِحٌ مِمّا تَقَدَّمَ في الأعْرافِ عَنِ التَّوْراةِ في شَرْحِ: ﴿فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ﴾ [الأعراف: ١٣٣] إلى آخِرِها، مِن أنَّ فِرْعَوْنَ كانَ يَسْألُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ عِنْدَ كُلِّ نازِلَةٍ الدُّعاءَ بِرَفْعِها مُعْتَلًّا بِأنَّ الرَّبَّ ذُو حِلْمٍ وأناةٍ [و] رَحْمَةٍ، وقَدَّمَ الأُولى إشارَةً إلى أنَّهم بَلَغُوا الغايَةَ في الجُرْأةِ، والتَّعْبِيرُ فِيها بِ: ”كَفَرُوا“ يُؤَيِّدُ لِذَلِكَ، أيْ: أنَّ مُجَرَّدَ السَّتْرِ لِلْآياتِ بِالإعْراضِ عَنْها كافٍ في إيجابِ الِانْتِقامِ ولَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَكْذِيبٍ لِعِظَمِ المَقامِ، ومادَّةُ كَفَرَ - بِأيِّ تَرْتِيبٍ كانَ - تَدُورُ عَلى الخَلْطَةِ المُمِيلَةِ المُحِيلَةِ، وبِخُصُوصِ هَذا التَّرْتِيبِ تَدُورُ عَلى السَّتْرِ، أيْ: غَطَّوُا التَّصْدِيقَ بِآياتِ رَبِّهِمْ، ويَجُوزُ – وهو الأحْسَنُ - أنْ يَكُونَ دَوَرانُها - مُطْلَقًا لا بِقَيْدِ تَرْتِيبٍ - عَلى الفِكْرِ، وهو إرْسالُ عَيْنِ البَصِيرَةِ في طَلَبِ أمْرٍ ويَلْزَمُهُ (p-٣٠٨)الكَشْفُ والسَّتْرُ لِأنَّهُ تارَةً يَرْفَعُ أذْيالَ الشُّبَهِ عَنْ ذَلِكَ الأمْرِ فَيَنْجَلِي ويَتَحَقَّقُ، وتارَةً يُسَلِّطُ قَواطِعَ الأدِلَّةِ عَلَيْهِ فَيَنْعَدِمُ ويَتَمَحَّقُ، ورُبَّما أرْخى أذْيالَ الشُّبَهِ عَلَيْهِ فَأخْفى بَعْدَ أنْ كانَ جَلِيًّا كَما كانَ شَمَّرَها عَنْهُ فَألْقى وقَدْ كانَ خَفِيًّا.
ولَمّا أخْبَرَ سُبْحانَهُ بِهَلاكِهِمْ، أخْبَرَ بِالوَصْفِ الجامِعِ لَهم بِالهَلاكِ فَقالَ: ﴿وكُلٌّ﴾ أيْ مِن هَؤُلاءِ ومَن تَقَدَّمَهم مِن آلِ فِرْعَوْنَ ومَن قَبْلَهُمْ،
﴿كانُوا﴾ أيْ: جِبِلَّةً وطَبْعًا ﴿ظالِمِينَ﴾ أيْ: لِأنْفُسِهِمْ وغَيْرِهِمْ واضِعِينَ الآياتِ في غَيْرِ مَواضِعِها وهم يَظُنُّونَ بِأنْفُسِهِمُ العَدْلَ؛
{"ayah":"كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَـٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَغۡرَقۡنَاۤ ءَالَ فِرۡعَوۡنَۚ وَكُلࣱّ كَانُوا۟ ظَـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق