الباحث القرآني

ولَمّا تَضَمَّنَ ذَلِكَ إيقاعَ الإهانَةِ بِالكُفّارِ بِهَذِهِ الوَقْعَةِ، والوَعْدَ بِإلْزامِهِمُ الإهانَةَ فِيما يَأْتِي، كانَ ذَلِكَ مُفَصِّلًا لِلِالتِفاتِ إلى تَهْدِيدِهِمْ في قالَبِ اسْتِجْلائِهِمْ والِاسْتِهْزاءِ بِهِمْ وتَفْخِيمِ أمْرِ المُؤْمِنِينَ فَقالَ: ﴿إنْ تَسْتَفْتِحُوا﴾ أيْ: تَسْألُوا الفَتْحَ أيُّها الكُفّارُ بَعْدَ هَذا اليَوْمِ كَما اسْتَفْتَحْتُمْ في هَذِهِ الوَقْعَةِ عِنْدَ أخْذِكم أسْتارَ الكَعْبَةِ وقْتَ خُرُوجِكم بِقَوْلِكُمُ: اللَّهُمَّ انْصُرْ أهْدى الحِزْبَيْنِ، وأكْرَمَ الجُنْدَيْنِ، وأعْلى الفِئَتَيْنِ، وأفْضَلَ الدِّينَيْنِ، ووَقْتَ تَرائِي الجَمْعَيْنِ؛ بِقَوْلِ أبِي جَهْلٍ: اللَّهُمَّ أقْطَعُنا لِلرَّحِمِ وآتانا بِما لا يَعْلَمُ فَأحِنْهُ الغَداةَ؛ أتاكُمُ الفَتْحُ كَما أتاكم في هَذا اليَوْمِ ﴿فَقَدْ جاءَكُمُ﴾ أيْ: في هَذا اليَوْمِ بِنَصْرِ المُؤْمِنِينَ ﴿الفَتْحُ﴾ أيِ: الَّذِي اسْتَفْتَحْتُمْ لَهُ لِأنَّهم أهْدى الفِئَتَيْنِ وأكْرَمُ الطّائِفَتَيْنِ ﴿وإنْ تَنْتَهُوا﴾ أيْ: بَعْدَ هَذا عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الأقْوالِ والأفْعالِ المُتَضَمِّنَةِ لِلشَّكِّ أوِ العِنادِ ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وقَدْ رَأيْتُمْ دَلائِلَ ذَلِكَ ﴿وإنْ تَعُودُوا﴾ أيْ: إلى المُغالَبَةِ لِأنَّكم لَمْ تَنْتَهُوا ﴿نَعُدْ﴾ أيْ: إلى خِذْلانِكم ﴿ولَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ﴾ أيْ: أبَدًا ﴿فِئَتُكُمْ﴾ أيْ: جَماعَتُكُمُ الَّتِي تَرْجِعُونَ إلَيْها لِلِاعْتِزازِ بِها ﴿شَيْئًا﴾ أيْ: مِنَ الإغْناءِ ﴿ولَوْ كَثُرَتْ﴾ لِأنَّ اللَّهَ عَلى الكافِرِينَ ﴿وأنَّ اللَّهَ﴾ أيِ المَلِكَ الأعْظَمَ ﴿مَعَ المُؤْمِنِينَ﴾ أيِ الرّاسِخِينَ في الإيمانِ، ولَعَلَّهُ عَبَرَ المُسْتَقْبَلَ في الشَّرْطِ والماضِي في الجَزاءِ (p-٢٤٧)إشارَةً إلى أنَّكُمُ اسْتَفْتَحْتُمْ في بَدْرٍ وجاءَكم مِنَ الفَتْحِ ما رَأيْتُمْ، فَإنْ كانَ أعْجَبَكم فالزَمُوهُ في المُسْتَقْبَلِ، فَإنِّي لا أجِيئُكم أبَدًا ما دُمْتُمْ عَلى حالِكم إلّا بِما جِئْتُكم بِهِ يَوْمَئِذٍ، والفَتْحُ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى النَّصْرِ فَيَكُونُ تَهَكُّمًا بِهِمْ، وأنْ يَكُونَ بِمَعْنى القَضاءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب