الباحث القرآني

ثُمَّ عَلَّلَ تَسْلِيطَهم عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ: التَّسْلِيطُ العَظِيمُ، وأخْبَرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿بِأنَّهُمْ﴾ أيِ: الَّذِي تَلَبَّسُوا الآنَ بِالكُفْرِ ولَوْ كانُوا مِمَّنْ يُقْضى بِإيمانِهِ بَعْدُ ﴿شاقُّوا اللَّهَ﴾ أيِ: المَلِكَ الأعْلى الَّذِي لا يُطاقُ انْتِقامُهُ ﴿ورَسُولَهُ﴾ أيْ: طَلَبُوا أنْ يَكُونُوا بِمُخالَفَةِ الأوامِرِ والنَّواهِي في شِقٍّ غَيْرِ الَّذِي فِيهِ حِزْبُ الهُدى في مَكْرٍ مِنهم وخِداعٍ، وشاقُّوهُ بِاشْتِهارِ السَّيْفِ جَهْرًا - ثُمَّ بَيَّنَ ما لِفاعِلِ ذَلِكَ، فَقالَ عاطِفًا عَلى تَقْدِيرِهِ: فَمَن شاقَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ فافْعَلُوا بِهِ ذَلِكَ؛ فَإنِّي فاعِلٌ بِهِ ما فَعَلْتُ بِهَؤُلاءِ، وأظْهَرَ الإدْغامَ في المُضارِعِ لِأنَّ القِصَّةَ لِلْعَرَبِ وأمْرُهم في عَداوَتِهِمْ كانَ بَعْدَ الهِجْرَةِ شَدِيدًا ومُجاهَرَةً، وأدْغَمَ في الماضِي لِأنَّ ما مَضى قَبْلَها كانَ ما بَيْنَ مُساتَرَةٍ بِالمُماكَرَةِ ومُجاهَرَةٍ بِالمُقاهَرَةِ، وعَبَّرَ بِالمُضارِعِ نَدْبًا إلى التَّوْبَةِ بِتَقْيِيدِ الوَعِيدِ بِالِاسْتِمْرارِ، وأدْغَمَ في الحَشْرِ في المَوْضِعَيْنِ لِأنَّ القِصَّةَ لِلْيَهُودِ وأمْرُهم كانَ ضَعِيفًا (p-٢٣٩)ومُساتَرَةً في مُماكَرَةٍ: ﴿ومَن يُشاقِقِ اللَّهَ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ فَلا أمْرَ لِأحَدٍ مَعَهُ ويُشاقُّهُ سِرًّا أوْ جَهْرًا ﴿ورَسُولَهُ﴾ بِأنْ يَكُونَ في شِقٍّ غَيْرِ الشِّقِّ الَّذِي يَرْضَيانِهِ ﴿فَإنَّ اللَّهَ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ جَمِيعُ صِفاتِ الكَمالِ ﴿شَدِيدُ العِقابِ﴾ أيْ: لَهُ هَذِهِ الصِّفَةُ، فَلْيَتَوَقَّعْ مُشاقِقُهُ عَذابَهُ، فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذِكْرُ الفِعْلِ المُدْغَمِ أوَّلًا دَلِيلٌ عَلى حَذْفِ المُظْهَرِ ثانِيًا، والمُظْهَرُ ثانِيًا عَلى حَذْفِ المُدْغَمِ أوَّلًا. ولَمّا خَتَمَ الآيَةَ بِبَيانِ السَّبَبِ المُوجِبِ لِإهانَةِ الَّذِينَ كَفَرُوا وبِما لَهُ مِنَ الوَصْفِ العَظِيمِ، أتْبَعَهُ ما يَقُولُ لَهم لِبَيانِ الحالِ عِنْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ التِفاتًا إلَيْهِمْ لِمَزِيدِ التَّبْكِيتِ والتَّوْبِيخِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب