الباحث القرآني

ولَمّا لَخَّصَ سُبْحانَهُ وتَعالى ما مَضى مِن قِصَصِهِ في هَذِهِ الكَلِماتِ اليَسِيرَةِ أحْسَنَ تَلْخِيصٍ وأقْرَبَهُ مَعَ عَدَمِ المُخالَفَةِ لِشَيْءٍ مِمّا مَضى لِأنَّ المُفَصَّلَ مَوْضِعُ الِاخْتِصارِ أمّا بِاعْتِبارِ النُّزُولِ فَإنَّهُ نَزَلَ أوَّلًا فَكانَ تَقْرِيبُ القِصَصِ (p-٢٣٧)لِلنّاسِ بِالِاقْتِصارِ عَلى ما لا بُدَّ مِنهُ أوْلى لِيَسْتَأْنِسُوا بِهِ، وأمّا مِن جِهَةِ التَّرْتِيبِ فَلِتَذْكِيرِهِمْ بِما مَضى لِيَجْتَمِعَ [فِي - ] المُخَيِّلَةِ في أقْرَبِ وقْتٍ ويَتَذَكَّرُ بِهِ ذَلِكَ المَبْسُوطُ، وخَتَمَهُ بِأخْذِهِ هَذا الأخْذَ الغَرِيبَ. أرْشَدَ [إلى - ] ما في القِصَّةِ مِنَ العِبْرَةِ، مُشِيرًا إلى اسْتِحْضارِ ما مَضى كُلُّهُ، فَقالَ مُؤَكِّدًا مُقَرِّرًا لِلْمُكَذِّبِ ومُنَبِّهًا لِلْمُصَدِّقِ: ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ أيِ الأمْرِ العَظِيمِ الَّذِي فَعَلَهُ والَّذِي فَعَلَ بِهِ ﴿لَعِبْرَةً﴾ أيْ أمْرًا [عَظِيمًا - ] يَتَعَمَّدُ الِاعْتِبارُ بِهِ مِن مَعْنى إلى مَعْنى حَتّى يَقَعَ بِهِ الوُصُولُ إلى كَثِيرٍ مِنَ المَعارِفِ ﴿لِمَن يَخْشى﴾ أيْ مِن شَأْنِهِ الخَوْفُ العَظِيمُ مِنَ اللَّهِ لِأنَّ الخَشْيَةَ - كَما تَقَدَّمَ - هي أساسُ الخَيْرِ، فَأوَّلُ العُبُورِ أنْ يَنْقُلَ السّامِعُ حالَ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَيَتَذَكَّرُ بِإنْجاءِ بَنِي إسْرائِيلَ عَلى ضَعْفِهِمْ مِنهم عَلى قُوَّتِهِمْ ثُمَّ بِقُوَّةِ ما حَصَلَ لَهم مِنَ القَهْرِ مِن ذَلِكَ حَتّى أوْجَبَ اتِّباعَهم بِالجُنُودِ ثُمَّ بِفَرْقِ البَحْرِ ثُمَّ بِإيرادِهِمْ إيّاهُ ثُمَّ بِإغْراقِهِمْ فِيهِ كَلَمْحِ البَصَرِ لَمْ يَخْرُجْ مِنهم مُخْبِرٌ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعالى عَلى إيرادِ الكُفّارِ النّارَ وقَهْرِ كُلِّ جَبّارٍ وبِجَعْلِ العَصا حَيَّةً وإخْراجِ القَمْلِ والضَّفادِعِ مِنَ الأرْضِ وتَحْوِيلِ الماءِ دَمًا (p-٢٣٨)قُدْرَتُهُ سُبْحانَهُ وتَعالى عَلى ذَلِكَ السّامِعِ بِالعَذابِ وغَيْرِهِ وعَلى خُصُوصِ البَعْثِ - إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ العِبَرِ [و -] واضِحُ الأثَرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب