الباحث القرآني

(p-١٦٤)سُورَةُ المُرْسَلاتِ وتُسَمّى العُرْفُ مَقْصُودُها الدَّلالَةُ عَلى [آخِرِ -] الإنْسانِ مِن إثابَةِ الشّاكِرِينَ بِالنَّعِيمِ، وإصابَةِ الكافِرِينَ بِعَذابِ الجَحِيمِ، في يَوْمِ الفَصْلِ بَعْدَ جَمْعِ الأجْسادِ وإحْياءِ العِبادِ بَعْدَ طَيِّ هَذا الوُجُودِ وتَغْيِيرِ العالَمِ المَعْهُودِ بِما لَهُ سُبْحانَهُ مِنَ القُدْرَةِ عَلى إنْباتِ النَّباتِ وإنْشاءِ الأقْواتِ وإنْزالِ العُلُومِ وإيساعِ الفُهُومِ لِأحْياءِ الأرْواحِ وإسْعادِ الأشْباحِ بِأسْبابٍ خَفِيَّةٍ وعِلَلٍ مَرْئِيَّةٍ وغَيْرِ مَرْئِيَّةٍ، وتَطْوِيرِ الإنْسانِ في أطْوارِ الأسْنانِ، وإيداعِ الإيمانِ فِيما يَرْضى مِنَ الأبْدانِ، وإيجادِ الكُفْرانِ في أهْلِ الخَيْبَةِ والخُسْرانِ، مَعَ اشْتِراكِ الكُلِّ في أسالِيبِ هَذا القُرْآنِ، الَّذِي عَجَزَ الإنْسُ والجانُّ، عَنِ الإتْيانِ بِمِثْلِ آيَةٍ [مِنهُ -] عَلى كَثْرَتِهِمْ وتَطاوُلِ الزَّمانِ، واسْمُها المُرْسِلاتُ و[كَذا -] العُرْفُ واضِحُ الدَّلالَةِ عَلى ذَلِكَ لِمَن تَدَبَّرَ الأقْسامَ، وتَذَكَّرَ ما دَلَّتْ عَلَيْهِ مِن مَعانِي الكَلامِ ( بِسْمِ اللَّهِ ) الَّذِي لَهُ القُدْرَةُ التّامَّةُ عَلى ما يُرِيدُ ( الرَّحْمَنُ ) الَّذِي لَهُ عُمُومُ الإنْعامِ عَلى سائِرِ العَبِيدِ ( الرَّحِيمِ ) الَّذِي خَصَّ أهْلَ رِضْوانِهِ بِإتْمامِ ذَلِكَ الإنْعامِ وعِنْدَهُ المَزِيدُ. * * * لَمّا خُتِمَتْ سُورَةُ الإنْسانِ بِالوَعْدِ لِأوْلِيائِهِ والوَعِيدِ لِأعْدائِهِ، وكانَ (p-١٦٥)الكَفّارُ يُكَذِّبُونَ بِذَلِكَ، افْتَتَحَ هَذِهِ بِالإقْسامِ عَلى أنَّ ذَلِكَ كائِنٌ فَقالَ: ﴿والمُرْسَلاتِ﴾ أيْ مِنَ الرِّياحِ والمَلائِكَةِ ﴿عُرْفًا﴾ أيْ لِأجْلِ إلْقاءِ المَعْرُوفِ مِنَ القُرْآنِ والسُّنَّةِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الإحْسانِ، ومِن إلْقاءِ الرُّوحِ والبَرَكَةِ وتَيْسِيرِ الأُمُورِ في الأقْواتِ وغَيْرِها، أوْ حالَ كَوْنِها مُتَتابِعَةً مُتَكاثِرَةً بَعْضُها في أثَرِ بَعْضٍ، مِن قَوْلِ العَرَبِ: النّاسُ إلى فُلانٍ عُرْفٌ واحِدٌ - إذا تَوَجَّهُوا إلَيْهِ فَأكْثَرُوا، ويُقالُ: جاؤُوا عُرْفًا واحِدًا، وهم عَلَيْهِ كَعُرْفِ الضَّبْعِ - إذا تَألَّبُوا عَلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب