الباحث القرآني

ولَمّا أسْنَدَ الحُسْبانَ إلى النَّوْعِ لِأنَّ مِنهم مَن يَقُولُ: لا نُبْعَثُ لِأنَّنا نَتَفَتَّتُ ونَنْمَحِقُ، قالَ مُجِيبًا لَهُ: ﴿بَلى﴾ أيْ لَنَجْمَعَنَّ عِظامَهُ وجَمْعُ أجْزائِهِ لِأنّا قَدَرْنا عَلى تَفْصِيلِ عِظامِهِ وتَفْتِيتِها مِن بَعْدِ ارْتِتاقِها حالَ كَوْنِها نُطْفَةً واحِدَةً لِأنَّ كُلَّ مَن قَدَرَ عَلى التَّفْصِيلِ قَدَرَ عَلى الجَمْعِ والتَّوْصِيلِ حالَ كَوْنِنا ﴿قادِرِينَ﴾ أيْ لِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿عَلى أنْ﴾ ولَمّا كانَتْ تَسْوِيَةُ الصَّغِيرِ أصْعَبَ، قالَ: ﴿نُسَوِّيَ بَنانَهُ﴾ أيْ أصابِعَهُ [أوْ -] سُلامَيّاتِهِ وهي عِظامُهُ الصِّغارُ الَّتِي في يَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ كُلٌّ مِنها طُولُ إصْبَعٍ وأقَلُّ، خَصَّها لِأنَّها أطْرافُهُ وآخِرُ ما يَتِمُّ [بِهِ -] خَلْقُهُ بِأنْ نَجْمَعَ بَعْضَها إلى بَعْضٍ عَلى ما كانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ المَوْتِ سَواءٌ، فالكِبارُ (p-٨٩)بِطَرِيقِ الأوْلى لِأنَّها أبْيَنُ، ولا فَرْقَ بَيْنَ تَسْوِيَتِنا ذَلِكَ مِنَ النُّطْفَةِ وتَسْوِيَتِنا لَهُ مِنَ التُّرابِ، وهي لا تَكُونُ مُسَوّاةً وهي قالَبُ البَدَنِ إلّا بِتَسْوِيَةِ ما عَلَيْهِ مِن لِباسِ اللَّحْمِ والعَصَبِ والجِلْدِ كَما يَعْهَدُها العاهِدُ، فَتَسْوِيَةُ البَنانِ كِنايَةٌ عَنْ تَسْوِيَةِ جَمِيعِ البُنْيانِ كَما لَوْ قِيلَ لَكَ: هَلْ تَقْدِرُ عَلى تَأْلِيفِ هَذا الحَنْظَلِ، فَقُلْتَ: نَعَمْ، وعَلى تَأْلِيفِ الخَرْدَلِ، مَعَ ما يُفْهَمُ مِن تَخْصِيصِها مِنَ التَّنْبِيهِ عَلى ما فِيها مِن بَدِيعِ الصُّنْعِ المُتَأثِّرِ عَنْهُ ما لَها مِن لَطائِفِ المَنافِعِ، أوْ أنْ نُسَوِّيَها الآنَ فَنَجْمَعُها عَلى ما كانَتْ عَلَيْهِ حالَ كَوْنِها نُطْفَةً مِنَ الِاجْتِماعِ قَبْلَ فَتْقِها وتَفْرِيقِها حَتّى تَكُونَ كَخُفِّ البَعِيرِ، فَإنَّ القادِرَ عَلى تَفْصِيلِ الأنامِلِ حَتّى تَتَهَيَّأ لِلْأعْمالِ اللَّطِيفَةِ قادِرٌ عَلى جَمْعِها، فَتَزُولُ عَنْها تِلْكَ المَنفَعَةُ. ومَن قَدَرَ عَلى تَفْصِيلِ الماءِ بَعْدَ [اخْتِلاطِهِ -] وجَمَعَهُ بَعْدَ انْفِصالِهِ قادِرٌ عَلى جَمْعِ التُّرابِ بَعْدَ افْتِراقِهِ، وكَيْفَما كانَ فَهو تَنْبِيهٌ عَلى التَّأمُّلِ في لُطْفِ تَفْصِيلِ الأنامِلِ وبَدِيعِ صُنْعِها المُوجِبِ لِلْقَطْعِ بِأنَّ صانِعَها قادِرٌ عَلى كُلِّ ما يُرِيدُ، قالَ في القامُوسِ: البَنانُ: الأصابِعُ أوْ أطْرافُها. والسُّلامى - وزْنُ حُبارى: عِظامٌ صِغارٌ طُولَ إصْبَعٍ أوْ أقَلَّ في اليَدِ والرِّجْلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب